الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن إتقان العمل مما يحبه الله، فقد كتب سبحانه الإحسان على كل شيء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47732.
ولكن الاستطاعة والقدرة أمر معتبر حتى في أداء الواجبات الشرعية الصرفة، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإن أدى السائل ما يستطيع في دراسته أو غيرها من الأعمال المناطة به، فلا حرج عليه بعد ذلك؛ كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن: 16}.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم.
وأما مسألة الأجر، فإن قدره يكون على كل عمل باعتبار شيئين: النية، والإحسان. ودليل الأول قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى. متفق عليه. ودليل الثاني: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {التوبة: 120}. وقوله سبحانه: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. {الكهف: 30}.
ولا يخفى أن إحسان العمل غالبا ما يقترن بمزيد مشقة، وهذا أيضا مما يعظم به الأجر.
قال الزركشي في (المنثور): العمل كلما كثر وشق كان أفضل مما ليس كذلك. اهـ.
وصاغ ذلك كقاعدة السيوطي في (الأشباه والنظائر) فقال: ما كان أكثر فعلا كان أكثر فضلا. أصله قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: أجرك على قدر نصبك. رواه مسلم. اهـ.
وقال النووي في شرح هذا الحديث: هذا ظاهر في أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة, والمراد النصب الذي لا يذمه الشرع وكذا النفقة. اهـ.
وقال المناوي في (التيسير): لأن الجزاء على قدر المشقة غالبا، وفيه أن ما كان أكثر فعلا كان أكثر فضلا. اهـ.
وعلى ذلك فمن قصر في أداء عمله، سواء في الدراسة أو غيرها، نقص أجره بقدر تقصيره.
وأما مسألة عمل الواجب لأجل الخلاص من عقاب المدرس، فإن كان هذا وحده هو الباعث على أدائه، بحيث إذا أمن الطالب عقاب المدرس لم يعمل من ذلك شيئا، فلا شك أنه لا يؤجر على ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا أجر إلا عن حسبة، ولا عمل إلا بنية. رواه الديلمي، وصححه الألباني بشواهده. وقد سبق لنا بيان أن النية شرط في حصول الأجر ولو في الأعمال المباحة، فراجع الفتوى رقم: 32192.
وأما مسألة التخصص الدراسي في مجال الاتصالات، فلا إشكال في أن الأصل هو الجواز. ولكن إذا كان المراد هو السؤال عن الأفضل، فلا شك أن من مقومات الأفضلية هو البعد عن الشبهات والتنزه عن المجالات التي يكثر فيها الخلط بين الحلال والحرام. كما أن من مقومات الأفضلية النظر إلى حاجة المسلمين كأمة مستضعفة، وما هي المجالات الأنفع والأصلح والأحوج لحالها. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 7900.
وأما السؤال الأخير، فإن مثل هذا الشعارات الرسمية للدول مما عمت به البلوى، وعموم البلوى من أسباب التخفيف في الشريعة الإسلامية، وهذا يذكره أهل العلم تحت القاعدة الكلية: (المشقة تجلب التيسير). فلا حرج في مثل ذلك على السائل إن شاء الله تعالى. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 116077.
والله أعلم.