السؤال
ما تفسير سيادتكم لما يحدث في هذه الأيام من قتل وتقطيع جثث وسفك دماء والسرقة والقتل بين الأقارب والابن الذي يقتل أمه والأم التي تقتل ابنها وحالات الاغتصاب وشخص يهجم على منزل يقتل أفراد الأسرة للحصول على المال وغيرها رغم أنه في نظر الدين ينتشر حاليا ما الذي يحدث ومن المسؤول عما يحدث حولنا أنا حاليا أعيش في حالة شبه اكتئاب وعدم طمأنينة بسبب هذه الأخبار...
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكثرة القتل والفتن، والزلازل والمحن، وفساد الأحوال وتوسيد الأمر إلى غير أهله وفشو المنكرات كالربا والزنا وشرب الخمر والتبرج وقطيعة الأرحام من علامات الساعة الصغرى التي ظهرت، كما سبق التنبيه عليه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 283، 11557، 36791. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة وحتى يؤتمن الخائن ويخون الأمين. رواه أحمد، وصححه الألباني والأرنؤوط. ويمكن مراجعة تفصيل ذلك في كتاب أشراط الساعة للدكتور يوسف الوابل، وكتاب القيامة الصغرى للدكتور عمر الأشقر.
والمقصود أن هذا الذي يذكر السائل واقع، وسيزيد سوءا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم. رواه البخاري.
وأما سبب ذلك فهو حب الدنيا وإيثارها على الآخرة والجهل بالدين والإعراض عنه أو ضعف الامتثال لأحكامه.
وأما المسؤول عن ذلك: فالجميع، كل بحسب طاقته وموقعه ومسؤوليته، فكلما كان المرء ذا مكانة أعلى، ونفوذ أوسع، كانت المسؤولية عليه أشد وأعظم، فالسلطان والعالم والخطيب وصاحب القلم والمطاع المسموع الكلمة أكثر مسؤولية من غيرهم. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته. متفق عليه.
وعلى كل منا بذل ما يمكنه بذله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ امتثالا لأمر الله، وإظهارا لشريعته، ونصحا للأمة، وأداء للأمانة.
والذي ينبغي التنبه له في هذا الأمر أن مثل هذه الأحوال الشديدة لا تزيد المؤمن إلا بصيرة، كما هو حال الرجل المؤمن الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم عند خروج الدجال، حيث قال صلى الله عليه وسلم: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة بعض السباخ التي بالمدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه: والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم. فيريد الدجال أن يقتله، فلا يسلط عليه. متفق عليه.
فهذا الواقع المرير يزيد المؤمن يقينا أن أعظم مظاهر رحمة الله أن أنعم علينا بهذا الدين القويم الذي تستقيم به الحياة ويطمئن به الناس، وأن أشد العقوبات أن يُوكَلَ الناس إلى أنفسهم فيكثر الهرج والفتن، وتعم البلايا والمحن، وتزول النعم وتحل النقم.
ونرجو من الأخ السائل الكريم أن يراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 135036، 136688، 63743، 58011.
والله أعلم.