الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخداع المقصود في قوله تعالى (يخادعون الله والذين آمنوا..)

السؤال

ورد في سورة البقرة أن المنافقين النفاق الأكبر "إظهار الإيمان وإبطان الكفر" أنهم {يخادعون الله والذين أمنوا و ما يخدعون إلا أنفسهم و ما يشعرون}، في كون أن المنافق يخدع نفسه دون أن يشعر لاحظتها تنطبق على أنواع النفاق الأخرى كإظهار المحبة وإبطان البغض، وإظهار الطاعة وإخفاء العصيان وإظهار حسن الخلق وإبطان سوء الخلق. فهل هذا صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكره السائل الكريم من خصال يدخل في عموم النفاق، ولكنه لا يخرج صاحبه من الملة، فإن النفاق نوعان من حيث الجملة: نفاق اعتقادي ونفاق عملي.

قال ابن كثير: النفاق: هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي، وهو الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو من أكبر الذنوب .. وهذا كما قال ابن جريج: المنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته، ومدخله مخرجه، ومشهده مغيبه. اهـ.

وقال السعدي: اعلم أن النفاق هو: إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي، والنفاق العملي، كالذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "آية المنافق ثلات: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان". وفي رواية: "وإذا خاصم فجر ". وأما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الإسلام، فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها. اهـ.

وأصل المخادعة موجود في كلا النوعين، كل بقدره وبحسبه.

قال السعدي: المخادعة: أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا، ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع. اهـ.

وأما بخصوص المخادعة المذكورة في هذه الآية فهي مخادعة النفاق الاعتقادي المخرج من الملة.

قال الطبري: خداع المنافق ربه والمؤمنين، إظهاره بلسانه من القول والتصديق، خلاف الذي في قلبه من الشك والتكذيب، ليدرأ عن نفسه بما أظهر بلسانه، حكم الله عز وجل - اللازم من كان بمثل حاله من التكذيب، لو لم يظهر بلسانه ما أظهر من التصديق والإقرار - من القتل والسباء. فذلك خداعه ربه وأهل الإيمان بالله. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني