السؤال
ما مدى صحة الأحاديث التي تبدأ بقوله صلى الله عليه وسلم: من قال كذا .... من قال كذا يعني من قال كذا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، من قال كذا بنى الله له بيتا في الجنة .... ألا يشجع هذا الحديث الناس على ارتكاب المعاصي ثم بعدها يقولون ما ورد في الحديث فتغفر جميع ذنوبهم بهذه السهولة؟ وكذلك ما الحكمة من الأعداد من قال كذا كذا مرة حلت له شفاعتي ... من قال كذا مئة مرة غفرت ذنوبه ... الخ ... ما الحكمة في هذه الأعداد ...عشر مرات ... 33 مرة .... الشهيد له 72 زوجة .....الخ ؟؟ لماذا لا تكون 70 زوجة مثلا؟ لماذا 72؟ لماذا علينا أن نقول كذا 10 مرات. هل إذا قلنا 9 مرات لا ينطبق الحديث علينا؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس هناك حكم عام على تلك الأحاديث المتضمنة للعبارات المذكورة من حيث الصحة أو الضعف، بل منها الصحيح ومنها الضعيف كما بينا في الفتوى رقم: 73453.
وهذه الأذكار ونحوها إنما تكفر الصغائر دون الكبائر كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 80252، والفتوى رقم: 123438.
مع الأخذ في الاعتبار أن الصغائر قد تصير كبائر، وذلك عند الاستخفاف بها أو الإصرار عليها وغير ذلك. قال الغزالي: وقد تعظم الصغائر من الذنوب، فتصير كبيرة لعدة أسباب، منها: الإصرار والمواظبة. ومنها: أن يستصغر الذنب. ومنها: السرور بالصغيرة والفرح والتبجح بها واعتداد التمكن من ذلك نعمة والغفلة عن كونه سبب الشقاوة. انتهى.
وقال رجل لابن عباس: كم الكبائر؟ سبع؟ قال: هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار... رواه ابن جرير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:.. ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون.. رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حد الإصرار: هو أن تتكرر منه الصغيرة تكراراً يشعر بقلة مبالاته بدينه.
والمقصود أن هذا الثواب الجزيل للأذكار لا يصح أن يكون مدعاة للانهماك في المعاصي، وإنما هو أبواب خير تفضل الله علينا بها لزيادة حسناتنا وترجيحها إكراما منه وامتنانا.
وأما تقييد الشرع لبعض الأذكار أو غيرها بأعداد معينة فالله أعلم بوجه الحكمة في ذلك، وهو سبحانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
والسنة في الأذكار المقيدة بأعداد معينة أن يلتزم بتلك الأعداد، فإذا نقص الذاكر من أعدادها فلن ينال الفضل المترتب على العدد المحدد؛ لتعليقه عليه.
وأما الزيادة عليه فمحل اختلاف عند أهل العلم، راجعه في الفتوى رقم: 32076.
والله أعلم.