الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشكلة في الإصرار على الذنب لا في الوقوع فيه

السؤال

مشكلة لم أجد لها حلاً, فأنا طالب عمري: 16 سنة، مبتلى بوسوسة من الشيطان في كثير من الأمور، ومنها: أنني أشاهد الصور الخليعة والفيديوهات الفاضحة، ولا أعرف ماذا أفعل؟ فقد وقعت فيها ـ تقريباً ـ 5 مرات وكل مرة أتوب ـ ولله الحمد ـ وقد تبت إلى الله ثم فعلتها، ثم تبت، ثم فعلتها، والله إنها لتوبة من قلبي ثم أجد نفسي واقعاً فيها مجدداً، حتى في المرة الخامسة دعوت الله أن أصاب بالعمى إن رأيت شيئاً عن قصدٍ، وذلك لأجعل نفسي تخشي، ولكن لا جدوى، فقد فعلتها مرة أخرى وبعدها يأتي الشعور بمدى تفاهة ما فعلت، ولكن لا أعرف ماذا أفعل؟ حقاً ـ إنها وساوس قد أقوم بخلع عيني بسببها ـ والحمد لله ـ لم أيأس من رحمة ربي، لأن من يئس منها سيكون من القوم القانطين، فأملي بالله كبير فادعوا الله أن يرحمني ويرحم جميع المسلمين.
أما سؤال الثاني: فهو عن الوساوس ـ أيضا ـ لكنها في الصلاة: فدائماً عندما أصلي وأصٌلُ الركعة الثالثة أو الثانية أنسى صلاتي وعدد الركعات التي صليتها، وأحاول الخشوع ـ قدر المستطاع ـ ولكن لا تزال المشكلة قائمة.
أعتذر عن طول السؤال، وأتمنى أن توسع صدرك لي ـ يا شيخ ـ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك وأن يلهمك رشدك وأن يقيك شر نفسك وأن يرحمك وعموم المسلمين، ثم اعلم ـ أخانا الكريم ـ أن الله تعالى لا يمل من توبة عبده حتى يمل العبد فلا يتوب، فليس الإشكال في وقوع الذنب، وإنما الإشكال في الإصرار عليه واستمرائه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. رواه مسلم.

فالمهم أن يبادر العاصي إلى التوبة وأن تسوءه سيئته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من عمل حسنة فسر بها وعمل سيئة فساءته فهو مؤمن. رواه أحمد، وصححه الألباني.

وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 114548.

وأما ما ذكرت من مسألة النظر: فلا بد لك من استحضار معنى قوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}.

فالنظر إلى ما يثير الشهوة من الصور ـ أياً كان نوعه ومكانه ـ حرام، والعبد مسؤول عنه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1256.

وقد سبق لنا بينا ما في مشاهدة الأفلام من أضرار دينية ودنيوية، وكيفية معالجة ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 25078، 2862، 2778، 3605، 26411، 21807، 77332.

كما سبق لنا ـ أيضا ـ بيان حكم من يكثر منه الشك في الصلاة حتى صار وسواساً، في الفتوى رقم: 122393. وراجع في ما يعين على الخشوع في الصلاة الفتويين رقم: 9525، ورقم: 3087.

وأخيراً ننبهك على خطئك في دعائك على نفسك بالعمى إذا رجعت للمعصية، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 10859.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني