الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أيهما أولى اتصال الصف مع عدم المقاربة أم قطعه مع المقاربة

السؤال

يقول الرسول – صلى الله عليه و سلم – فيما يتعلق بتسوية الصفوف : "وَقَارِبُوا بَيْنَهَا" (رواه أحمد و أبو داود و النسائي)، فهذا أمر. ‏ وعَنْ ‏ ‏عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ ‏ ‏قَالَ : صَلَّيْنَا خَلْفَ أَمِيرٍ مِنْ الْأُمَرَاءِ، فَاضْطَرَّنَا النَّاسُ، فَصَلَّيْنَا بَيْنَ ‏السَّارِيَتَيْنِ، ‏ ‏فَلَمَّا صَلَّيْنَا قَالَ‏ ‏أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ :‏ "‏كُنَّا ‏ ‏نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، (رواه الخمسة إلا ابن ماجه)وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال : "كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا" (رواه ابن ماجه) . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين . و هذا يدل على النهي إما للتنزيه أو للتحريم. ومسجدنا الذي نصلي فيه ضيق، و فيه جدار يقطع الصف الثالث فقط، فإذا تركنا هذا الصف وصلينا في الذي بعده نكون قد امتثلنا أمر الرسول صلى الله عليه و سلم حينما نهى عن الصلاة بين السارِيتين.
و لكن يترتب على ذلك أمور: الأول: أننا لم نمتثل أمر الرسول صلى الله عليه و سلم في قوله "وَقَارِبُوا بَيْنَهَا".
الثاني: أن الذين يأتون بعدنا و يتأخرون قد لا يجدون مكانا في الصف الذي خلف المصلين، و إن كان يوجد مكان آخر منفصل تماما عن المكان الذي نصلي فيه.
الثالث: عدم تسوية الصفوف إذ نجد بين صفين مسافة أطول من التي بين الصفوف الأخر. فهل الأولى والأفضل في هذه الحال أن نبقي الصفوف كما هي، و يكون صف واحد – وهو الثالث – مقطوعا بجدار، و نكون كلنا نصلي في نفس المكان ؟ علما بأن من الأئمة من أجاز ذلك كالإمام مالك – رحمه الله تعالى – إذ يقول : "لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد". وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار: "باب كراهة الصف بين السواري للمأموم: "ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر قياسا على الإمام والمنفرد. قالوا : وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين . قال ابن رسلان : وأجازه الحسن وابن سيرين ." أم الأولى والأفضل أن نترك هذا الصف و نتأخر إلى الصف الذي بعده، وسيترتب على ذلك ما ذكرت آنفا ؟ بعبارة أخرى: "هل يقدم الأمر على النهي أو العكس ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء إن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بين الساريتين في الكعبة لا تعارض النهي عن الصلاة بين السواري, وليس الأمر كما ذكر السائل من كونه للكراهة أو التحريم وإنما النهي مختص بالجماعة, وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين ساريتين تدل على جواز الصلاة بينها للمنفرد, ولذا قال في عون المعبود: ... فَيَكُون النَّهْي عَلَى هَذَا مُخْتَصًّا بِصَلَاةِ الْمُؤْتَمِّينَ بَيْن السَّوَارِي دُون صَلَاة الْإِمَام وَالْمُنْفَرِد ... اهـ.

وأما المفاضلة بين تقارب الصفوف مع قطع الصف بالجدار أو تباعدها مع اتصال الصف فجوابه أن اتصال الصف مع عدم المقاربة أولى من قطع الصف مع المقاربة, لأن الصلاة بين السواري منهي عنها, والتقارب مأمور به, وقد قال عليه الصلاة والسلام: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اِسْتَطَعْتُمْ ..., فالمنهي عنه أمر باجتنابه مطلقا, والمأمور به يفعل بقدر الاستطاعة, وأنتم منهيون شرعا عن قطع الصف بالجدار, هذا عند السعة, وأما إذا ضاق المسجد عن المصلين فلا بأس بالصلاة حول الجدار حينئذ, قال ابن العربي: ولا خلاف في جوازه عند الضيق ..., وانظر الفتوى رقم: 40366 ، والفتوى رقم: 34441 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني