السؤال
ما رأيكم الشريف في هذه المقالة التالية الدالة على ارتداد عامة الصحابة رضي الله عنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد
هناك أحاديث كثيرة مروية عن النبي تدل على أن عامّة الصحابة ارتدوا بعد النبي (ص) على أعقابهم وأنهم أحدثوا البدع و لذلك يذادون يوم القيامة عن الحوض (الذي من شرب منه لم يظمأ بعده أبدا) كما يذاد البعير الضال ويقحمون في النار تقاحم الفراش و الجنادب، و إليك بعض منها:
1- ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا ثم قرأ :كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم إلى قوله الحكيم ( صحيح البخاري ج 4 ص 110)
2- عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا كما خلقوا ثم قرأ: ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) وأول من يكسى من الخلائق إبراهيم ، ويؤخذ من أصحابي برجال ذات اليمين وذات الشمال ، فأقول يا رب أصحابي ! فيقال: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم . فأقول كما قال العبد الصالح : (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) . (سنن الترمذي ج 4 ص 39)
3- عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. (صحيح البخاري ج 7 ص 206)
4- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم فقلت أين؟ قال إلى النار والله قلت وما شأنهم؟ قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم قلت أين؟ قال إلى النار والله قلت ما شأنهم؟ قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. (صحيح البخاري ج 7 ص 208)
5- عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس من دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم. (صحيح البخاري ج 7 ص 209)
6- عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يرد علي الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. (صحيح البخاري ج 7 ص 208).
7- عن أبي وائل قال: قال عبد الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي فيقول لا تدري ما أحدثوا بعد.ك (صحيح البخاري ج 8 ص 87)
8- عن أبي حازم قال سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقو:ل أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم. قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي أبي عياش وأنا أحدثهم هذا فقال هكذا سمعت سهلا فقلت نعم قال وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي. (صحيح البخاري ج 8 ص 87).
9- عن عبد الله بن عبيد الله بن أبى ملكية أنه سمع عائشة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه: إني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم فو الله ليقتطعن دوني رجال فلأقولن أي رب مني ومن أمتي فيقول إنك لا تدرى ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم. (صحيح مسلم ج 7 ص 66)
10- عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس فقلت للجارية استأخري عني، قالت إنما دعا الرجال ولم يدع النساء فقلت إني من الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال فأقول فيم هذا؟ فيقال إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا. (صحيح مسلم ج 7 ص 67)
11- عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا، قالوا أو لسنا إخوانك يارسول الله؟ قال أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهرى خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا. (صحيح مسلم ج 1 ص 151).
12- عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى المقبرة فسلم على المقبرة . فقال: السلام عليكم ، دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله تعالى ، بكم لاحقون. ثم قال: لوددنا أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: يا رسول الله أو لسنا إخوانك ؟ قال: أنتم أصحابي . وإخواني الذين يأتون من بعدى، وأنا فرطكم على الحوض. قالوا : يا رسول الله ! كيف تعرف من لم يأت من أمتك ؟ قال: أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهرانى خيل دهم بهم ، ألم يكن يعرفها ؟ قالوا : بلى . قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين ، من أثر الوضوء. قال : أنا فرطكم على الحوض . ثم قال : ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال . فأناديهم : ألا هلموا فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك ، ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم . فأقول : ألا سحقا سحقا .( سنن ابن ماجة ج 2 ص 1439)
13- عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون إن رحمي لا ينفع، بلى والله إن رحمى موصولة في الدنيا والآخرة وإنى أيها الناس فرطكم على الحوض فإذا جئت قام رجال فقال هذا يا رسول الله أنا فلان وقال هذا يا رسول الله أنا فلان وقال هذا يا رسول الله أنا فلان فأقول قد عرفتكم ولكنكم أحدثتم بعدى ورجعتم القهقرى . (المستدرك ج 4 ص 74 و مجمع الزوائد - الهيثمى ج 10 ص 364)
14- عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليردن علىّ الحوض رجلان ممن قد صحبني فإذا رأيتهما رفعا لي اختلحا دوني. (مسند أحمد ج 3 ص 140)
15- عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: إنى ممسك بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تقاحمون فيه تقاحم الفراش أو الجنادب فأوشك أن أرسل بحجزكم، أنا فرطكم على الحوض فتردون علي معا وأشتاتا فأعرفكم بسيما كم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله ويذهب بكم ذات الشمال وأناشد فيكم رب العالمين فأقول أي رب قومي أي رب أمتى فيقول يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم. (مجمع الزوائد - الهيثمى ج 3 ص 85)
16- عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إني ممسك بحجزكم، هلم عن النار هلم عن النار، و تغلبونني و تقاحمون فيها تقاحم الفراش و الجنادب، فأوشك أن أرسل حجزكم و أنا فرطكم على الحوض، فتردون علي معا و أشتاتا أعرفكم بسيماكم و أسمائكم، كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله، فيذهب بكم ذات اليمين و ذات الشمال، فأناشد فيكم رب العالمين أي رب قومي أي رب أمتي، فيقال: يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم، فلأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ، ينادي: يا محمد يا محمد. فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد بلغت، و لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا له رغاء ، ينادي: يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئا قد بلغت، و لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا لها حمحمة، فينادي: يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئا قد بلغت، و لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل سقاء من أدم، ينادي: يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملك لك شيئا قد بلغت» قال علي بن المديني: هذا حديث حسن الإسناد إلا أن حفص بن حميد مجهول، لا أعلم روى عنه غير يعقوب بن عبد اللّه الأشعري القمي، قلت بل قد روى عنه أيضا أشعث بن إسحاق، و قال فيه يحيى بن معين: صالح، و وثقه النسائي و ابن حبان.( تفسير القرآن العظيم.
و هناك ملاحظات:
1- إنّ المراد من المرتدين في هذه الأحاديث هم عامة الصحابة يدل على ذلك قول النبي «أصحابي أصحابي » في كثير منها ، و يدل عليه أن النبي أخبر في الحديث 4 بقوله «فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم» على أن الناجين من النار من الصحابة، جماعة قليلة ؛ و يدل عليه أيضا قول النبي في الحديث 10 «يا أيها الناس» الدال على عموم الناس في أيام النبي صلى الله عليه وسلم حتى أن أم سلمة حسبت أن النساء أيضا من المخاطبين فقوله (ص) بعد ذلك «إنى لكم فرط على الحوض فإياى لا يأتين أحدكم فيذاد عني كما يذب البعير الضال فأقول فيم هذا؟ فيقال إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا. يدل بالصراحة أن عامة الصحابة يطردون عن الحوض لإحداثهم البدع بعد النبي.
2- و ليس المراد منهم مانعي الزكاة في أيام أبي بكر الذين قد سُمّوا بأهل الردة؛ لأنّ مانع الزكاة و إن كان عاصياً لكنه لم يصر بذلك مرتدا و خاصة أنّ مانعي الزكاة في أيام أبي بكر لم يكونوا منكرين لأصل وجوب الزكاة بل حصلت لهم شبهة فإنهم قالوا «نحن لا ندفع زكاتنا بعده (ص) إلى أحد، بل نخرجها نحن بأيدينا على من نراه، و لا ندفعها إلا إلى من صلاته أي دعاؤه سكن لنا. (تفسير ابن كثير، ج2، ص 354). فهم اجتهدوا و أخطأوا في كيفية مصرف الزكاة و المجتهد المخطئ لا يصير بخطئه مرتدا مستحقاٌ لجهنم بل له أجر واحد فأؤلنك المانعون لم يصيروا بمنعهم مرتدين ليقال أنهم أهل الردة و يكونوا مرادين من المرتدين في تلك الأحاديث؛ و أيضا إنّ قول النبي «لم يزالوا ..» في الحديث 1 و 2 و 12 و قوله «ما برحوا ...» في الحديث 5 و قوله «ما زالوا ..» في الحديث 9 و قوله «إنهم كانوا يمشون» في الحديث 15 و 16 يدل كلها على أن ذلك ارتداد كان ارتدادا باقيا مستمرا في أؤلئك المرتدين بعد النبي ، لكن ارتداد مانعي الزكاة في أيام أبي بكر(لو سلّم) لم يستمر؛ لأن أبا بكر وأعوانه قتلوهم فلم يبق هناك ارتداد بعد ذلك فلا يمكن انصراف تلك الأحاديث إليهم.
3- يؤيد ما تدل عليه هذه الأحاديث من ارتداد عامة الصحابة بعد النبي (ص) قوله تعالى «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ. فإن الاستفهام فيه ليس استفهاما حقيقيا إذ كل شئ معلوم لله بل لتوبيخ عامة الصحابة لارتدادهم بعد موت النبي أو قتله فالله أخبر فيه بانقلابهم على أعقابهم إلا القليل منهم كما يدل على قلة السالمين عن الإرتداد آخر الآية سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ؛ إذ «قليل من عبادي الشكور».
4- إنّ الحديثين 15 و 16 يدلان على أن عمر بن الخطاب في جملة المرتدين و الداخلين في النار يوم القيامة لأنه كان في جملة المخاطبين لكلام النبي فيهما فإن النبي (على حد رواية عمر) قد خاطب جماعة كان منهم عمر و قال «إنى ممسك بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تقاحمون فيه تقاحم الفراش أو الجنادب فأوشك أن أرسل بحجزكم أنا فرطكم على الحوض فتردون على معا وأشتاتا فأعرفكم بسيما كم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله ويذهب بكم ذات الشمال وأناشد فيكم رب العالمين فأقول أي رب قومي أي رب أمتى فيقول يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم. وهذا يؤيد ما تقدم من أن المراد من المرتدين في هذه الأحاديث ليس مانعي الزكاة في أيام أبي بكر لأن عمر ليس منهم.
5- إن المؤمن العاقل لا يأخذ سنن نبيّه و معالم دينه من طريق المرتدين و أهل البدع و المتقامحين في النار بل يجب عليه أن يأخذها من طريق أهل بيت النبي الذين أنزل الله فيهم: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا. و جعلهم النبي و القرآن مرجعين علميّين للمسلمين بعده في قوله: أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال وأهل بيتى أذكركم الله في أهل بيتى أذكركم الله في أهل بيتى أذكركم الله في أهل بيتى.