الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غير العبادات من التّطوّعات لا تتمحض قربة إلا بالنية

السؤال

قرأت سؤالاً يقول: إذا كانت صديقتي مريضـة مثلاً وعدتهـا, لكي تعرف أني أهتـم لأمـرها (ولم يخطـر في بالي أن أجعل عملي لوجه الله بل كانت نيتي ما ذكرت, ثم دخلت عليه رغبتي في أن يكون عملي لوجه الله أثناء أداء العمـل). هل أكـون مشـركة شرك النيـة؟ ومـاذا أفعـل ليكون عملي خالصـاً لله؟
حقيقة لم أعرف الجواب, وأتمنى التوضيح بشأن ذلك، والتوضيح بشأن مثل تلك الوساوس التي تزور المؤمن في كل أمور حياته . فقد كثرت الأسئلة الموجّهة على هذا النحو.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن عيادة المريض تفتقر إلى النية في استحقاق الثواب عليها، فمن عاد المريض أو اتبع الجنازة لا ينوي التقرب إلى الله تعالى لم يكن آثما، وإنما يفوته الأجر والثواب.

جاء في الموسوعة الفقهية: أمّا غير العبادات من التّطوّعات ، فالأصل أنّه لا مدخل للنّيّة فيها، إلا أنّ نيّة القربة فيها - امتثالا لأوامر الشّرع الّتي تحثّ على المعروف - مطلوبة لاستحقاق الثّواب، إذ أنّها لا تتمحّض قربة إلّا بهذه النّيّة. يقول الشّاطبيّ : المقاصد معتبرة في التّصرّفات من العبادات والعادات... إلى أن قال: وأمّا الأعمال العاديّة - وإن لم تفتقر في الخروج عن عهدتها إلى نيّة - فلا تكون عبادات ولا معتبرات في الثّواب إلا مع قصد الامتثال. وفي الأشباه لابن نجيم: لا يتوقّف الوقف ولا الهبة ولا الوصيّة على النّيّة، فالوصيّة إن قصد التّقرّب بها فله الثّواب، وإلّا فهي صحيحة فقط، وكذلك الوقف إن نوى القربة فله الثّواب وإلا فلا، وعلى هذا سائر القرب لا بدّ فيها من النّيّة، بمعنى توقّف حصول الثّواب على قصد التّقرّب بها إلى اللّه تعالى. وفي المنثور في القواعد للزّركشيّ: عيادة المريض واتّباع الجنازة وردّ السّلام قربة، لا يستحقّ الثّواب عليها إلا بالنّيّة. انتهى بتصرف يسير.

وعلى هذا.. فمن نوى التقرب إلى الله بعيادة المريض فله ثواب نيته ويؤجر من حين نوى، ومن لم ينو التقرب وإنما نوى المكافأة أو نحوها أو لم ينو شيئا أصلا فلا إثم عليه، وإنما فاته الأجر.

وأما السبل المعينة على الإخلاص فأهمها مراقبة الله تعالى واستحضار اطلاعه على العبد، والنظر في نصوص الشرع المرغبة في الإخلاص والمحذرة من ضده، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 10396.

وأما ما يعرض للعبد من الوساوس، فعليه أن يعرض عنها ولا يلتفت إليها ولا يلقي لها بالا، فإنها تزول عنه بالمجاهدة ويذهب أثرها إن شاء الله، وانظر الفتوى رقم: 51601.

وإن كانت الوساوس في باب العقيدة فليقل: آمنت بالله ثم لينته وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليجتهد في دعاء الله تعالى واللجأ إليه في أن يصرف عنه الوساوس والشرور فإنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع تبارك وتعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني