السؤال
أنا طبيب بيطري فهل يجوز لي أن أفتح عيادة خاصة لعلاج الكلاب ـ كلاب الزينة ـ والقطط وأخذ نقود عليها؟ علما بأنها مربحة جداً جداً فأرجوكم سرعة الرد علي، وإذا كنت في عملي الرسمي وجائني كلب فهل يجوز لي أن أمتنع عن علاجه؟ وأريد تفصيلا في حكم نجاسة الكلب بالنسبة للأطباء البيطرين بحكم العمل، وكيفية التخلص منها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 4993، مذاهب أهل العلم في نجاسة الكلب ورجحنا فيها القول بنجاسته كله، وعليه فمن أصابه شيء من لعاب الكلب أو عرقه أو فضلاته، فإنه ينجس ما أصابه، وقد بينا كيفية التطهير من نجاسة الكلب وذلك في الفتويين التاليتين: 23234 // 15786، ولك أن تخصص ملابس وقفازات واقية عند ملامستك لهذه الكلاب، لمصلحة معتبرة شرعاً وخلعها بعد انتهاء المهمة.
واعلم أن العلماء قد جوزوا اقتناء الكلب لأغراض صحيحة كحراسة الزرع أو الغنم أو من كان له أعداء يخاف من شرهم والكلب ينبهه على ذلك أو يدفع عنه شرهم، شريطة أن يبعد عن متناول أولاده وأهله، لأن الكلب نجس العين، فلا ينبغي للمسلم أن يمسه أو يحمله، ويمنع اقتناء الكلاب في غير ما ذكرنا ـ ومنه الزينة ـ لما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط. وفي الحديث: الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة ـ رضي الله عنها.
قال النووي: رخص النبي صلى الله عليه وسلم في كلب الصيد وكلب الغنم، وفي الرواية الأخرى وكلب الزرع ونهى عن اقتناء غيرها، وقد اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة، مثل أن يقتني كلباً إعجاباً بصورته أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف. انتهى.
ولا حرج في علاج الكلب المأذون في اقتنائه، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر.
وأما فتح عيادة لعلاج ما يحرم اقتناؤه ككلاب الزينة فلا نرى جوازه، لأن علاجه والعناية به يعتبر إعانة ووسيلة للاقتناء المحرم، ومن القواعد الشرعية أن ما لا يتم المحرم إلا به فهو محرم وأن الوسائل لها أحكام المقاصد، ولأن الإعانة على الإثم محرمة، فقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}. والله أعلم.