السؤال
قرأت في فتوى أنه إذا التقى شخصان وتحادثا بذكر الله عز و جل أثناء حديثهما فهل يكفي بأن أذكر الله عز و جل وأن أصلي على أفضل المرسلين أثناء حديثي أم أنه عليّ كلما تحدثت مع شخص أن أفعل ذلك وفي نفس الوقت أن أدعو جليسي إلى فعل ذلك؟
قرأت في فتوى أنه إذا التقى شخصان وتحادثا بذكر الله عز و جل أثناء حديثهما فهل يكفي بأن أذكر الله عز و جل وأن أصلي على أفضل المرسلين أثناء حديثي أم أنه عليّ كلما تحدثت مع شخص أن أفعل ذلك وفي نفس الوقت أن أدعو جليسي إلى فعل ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه قد ورد في الحديث : إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما. رواه أبو داود. ولكن هذا الحديث ضعفه الألباني.
وروى البيهقي وأبو يعلى الموصلي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبدين متحابين في الله، يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه، فيصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى تغفر ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر. وهذا الحديث ضعف سنده البوصيرى .
قال صاحب عون المعبود عند شرح حديث أبي داود السابق : في الحديث سنية المصافحة عند اللقاء وأنه يستحب عند المصافحة حمد الله تعالى والاستغفار وهو قوله يغفر الله لنا ولكم
ولفظ ابن السني من حديث البراء: إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله تعالى واستغفرا غفر الله عز و جل لهما.
وأخرج ابن السني عن أنس قال ما أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بيد رجل ففارقه حتى قال اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وفيه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه فيصليان على النبي صلى الله عليه و سلم إلا لم يتفرقا حتى تغفر ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر. انتهى .
ولا حرج في نصح المسلم لأخيه وقوله له اذكر الله لأنه من الدلالة على الخير، فقد كان بعض السلف الصالح إذا التقوا تناصحوا فقالوا لبعضهم: تعالوا نؤمن أو اجلس بنا نؤمن ساعة... وما أشبه ذلك، قال البخاري: وقال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة.
وفي المسند عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال: ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة. والحديث حسن إسناده الهيثمي والعجلوني .
وعن ثابت البناني عن أبي مدينة الدارمي قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر والعصر إن الإنسان لفي خسر . رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني.
ومما ثبتت مشروعيته في هذا دعاء كفارة المجلس لما في الحديث: من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني. وقال ابن عمر: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك.... الحديث رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرهب من المجالس التي لا يذكر الله فيها فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة. رواه أبو داود . وقال أيضا: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
والحديثان صححهما الألباني. والترة هنا النقص أو القطيعة أو الخسارة أو تبعة من الله عليهم.
وبناء عليه فيحسن عند اللقاء أن تحصل المناصحة ومدارسة العلم والحض على الخير وما تيسر من ذكر لله وتذكير به.
قال الشيخ العثيمين في شرح رياض الصالحين عند شرح حديث: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار. قال رحمه الله: هذه الأحاديث تدل على أنه ينبغي للإنسان إذا جلس مجلسا أن يغتنم ذكر الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث إنها تدل على أنه ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا كان عليهم من الله ترة يعني قطيعة وخسارة إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم، ويتحقق ذكر الله عز وجل في المجالس بصور عديدة فمثلا إذا تحدث أحد الأشخاص في المجلس عن آية من آيات الله عز وجل فإن هذا من ذكر الله مثل أن يذكر حالة من أحوال النبي عليه الصلاة والسلام مثل أن يقول كان النبي عليه الصلاة والسلام أخشى الناس لله وأتقاهم لله فيذكر عليه الصلاة والسلام ثم يصلي عليه والحاضرون يكونون إذا استمعوا إليه مثله في الأجر هكذا يكون ذكر الله عز وجل والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
ومن ذلك أيضا أنه إذا انتهى المجلس وأراد أن يقوم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وفي هذه الأحاديث دليل على أنه ينبغي للإنسان ألا يفوت عليه مجلسا ولا مضطجعا إلا يذكر الله حتى يكون ممن قال الله فيهم: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ....اهـ
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني