السؤال
أنا ـ والحمد لله ـ لا أسمع الأغاني منذ أكثر من 5 سنوات, لكن منذ شهر تقريبا أصبحت أستيقظ الصبح وفي رأسي مقطع من الأغاني التي كنت أستمع إليها من قبل، فهل هذا دليل على المعاصي التي كنت أرتكبها؟ أم لعدم رضى الله عني؟.
أنا ـ والحمد لله ـ لا أسمع الأغاني منذ أكثر من 5 سنوات, لكن منذ شهر تقريبا أصبحت أستيقظ الصبح وفي رأسي مقطع من الأغاني التي كنت أستمع إليها من قبل، فهل هذا دليل على المعاصي التي كنت أرتكبها؟ أم لعدم رضى الله عني؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله أن وفقك لترك سماع الأغاني ونسأله سبحانه أن يثبتك على صراطه المستقيم ويزيدك هدى، ونفيدك بأن مجرد تذكر المعصية دون تلذذ بها، ليس دليلاً على عدم رضا الله أو ارتكاب معصية، ولكن عليك أن تحذري من استدراج الشيطان لك ووسوسته وتزيينه للمعصية، فإن الشيطان قد يوسوس للإنسان حين تذكره لمعصية حتى يحن إليها، فلا بد حينئذ من تناسيها وعدم الاسترسال مع تذكرها، وإن تذكرتها في وقت ما فأحدثي في نفسك ندماً وانكساراً حتى تزداد حسناتك، وانظري الفتوى رقم: 54998.
ونسأل الله تعالى أن يقوي إيمانك ويرفع درجاتك حتى تلحقي بالسابقين المقربين، الذين قيل في وصف قلوبهم: فإذا استيقظ هذا القلب من منامه صعد إلى الله بهمه وحبه وأشواقه مشتاقاً إليه طالباً له محتاجاً إليه عاكفاً عليه فحال كحال المحب الذي غاب عن محبوبه الذي لا غنى له عنه ولا بد له منه، وضرورته إليه أعظم من ضرورته إلى النفس والطعام والشراب، فإذا نام غاب عنه، فإذا استيقظ عاد إلى الحنين إليه وإلى الشوق الشديد والحب المقلق فحبيبه آخر خطراته عند منامه وأولها عند استيقاظه، كما قال بعض المحبين لمحبوبه:
وآخر شيء أنت في كل هجعة * وأول شيء أنت عند هبوبي.
فإذا استيقظ أحدهم إلى قلبه هذا الشأن فأول ما يجري على لسانه ذكر محبوبه والتوجه إليه واستعطافه والتملق بين يديه والاستعانة به أن لا يخلي بينه وبين نفسه وأن لا يكله إليها فيكله إلى ضعف وعجز وذنب وخطيئة، بل يكلؤه كلاءة الوليد الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً، فأول ما يبدأ به الحمد لله الذي أحياناً بعد ما أماتنا وإليه النشور متدبراً لمعناها من ذكر نعمة الله عليه بأن أحياه بعد موته الذي هو أخو الموت وأعاده إلى حاله سوياً سليماً محفوظاً مما لا يعلمه ولا يخطر بباله من المؤذيات أو الأذى.
من كتاب طريق الهجرتين لابن القيم ـ رحمه الله.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني