الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رحمة الله تعالى أوسع من ذنوبك

السؤال

ما هو الصواب وماذا أفعل و كيف أتوب بعد ما أفطرت عمدا- شتم, سب, زنيت, أكلت, شربت,شتمت أمي,أبي وضربت وفقدت صوابي حتى شتمت ربي، محمد صلى الله عليه وسلم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما أقدم على فعله السائل أمر عظيم وذنب كبير جمع بين الكفر بالله تعالى والعقوق، وكبيرة الزنا والإفطار عمدا, وكل واحدة من تلك الذنوب تهلك صاحبها فكيف إذا اجتمعت! ومع ذلك فإن عفو الله أعظم ورحمة الله تعالى أوسع من ذنوبك ومن تاب تاب الله عليه, وقد قال الله تعالى في كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر: 53}.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر .. اهـ

فعلى السائل أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى توبة صادقة من كل ذنب فعله, فيسلم بأن يشهد شهادة التوحيد لكونه ارتد بسب الله وسب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم , وليغتسل لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر ثمامة ابن أثال لما أسلم أن يغتسل. رواه عبد الرزاق. وليندم على ذنوبه كلها وفي الحديث الصحيح: ... النَّدَمُ تَوْبَةٌ ... رواه أحمد وابن ماجه. وبأن يعزم عزما أكيدا على عدم العودة إليها, وأن يجتهد في بر والديه واسترضائهما, ولا يلزمه قضاء الصيام والصلاة عند جمهور أهل العلم لأن المرتد إذا أسلم لم يلزمه قضاء ما فاته من الصيام أو الصلاة حال ردته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في حكم قضاء المرتد ما فاته من الصلاة أو الصيام : وفيه للعلماء ثلاثة أقوال : أحدهما : أنه لا يقضي ما تركه في الردة ولا قبلها لا من صلاة ولا صيام ولا زكاة بناء على أن الردة أحبطت عمله وأنه إذا عاد عاد بإسلام جديد فيستأنف العمل كما هو معروف في مذهب أبي حنيفة ومالك وقول في مذهب أحمد.

والثاني : أنه يقضي ما تركه في الردة وقبلها وهذا قول الشافعي وإحدى الروايات عن أحمد

والثالث: أنه لا يقضي ما تركه في الردة ويقضي ما تركه قبلها كالرواية المشهورة عن أحمد .. اهـ

وانظر الفتاوى: 127746, 124149, 126044. وهذه الأخيرة عن كفر ساب الله وكيفية توبته.

وقول السائل وشتمت ربي ، محمد صلى الله عليه وسلم نحسب أنه خطأ في الكتابة وأنه يقصد أنه شتم ربه وشتم النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما إذا كان يقصد حقيقة ما كتبه فهذا كفر آخر فإن اعتقاد أن الرب هو النبي صلى الله عليه وسلم كفر مخرج من الملة وإنما الرب هو الله جل جلاله.

ومحمد صلى الله عليه وسلم رسوله الذي أرسله بهذا الشريعة التي نحن عليها وهو بشر كسائر البشر إلا أنه أفضل الخلق ولا يجوز أن يعتقد فيه غير هذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني