السؤال
بيني وبين شخص آخر تعامل تجاري يتمثل في أنني أنا موزع وأعمل لحسابي الخاص وأشتري البضاعة من هذا الشخص ـ وبحكم تعاملي الطويل معه ـ أشتري منه البضاعة بالديّن وأسدد له المبلغ لاحقاً
وأيضاً ـ بحكم تعاملنا الطويل ـ إذا لم يُبع جزء من البضاعة أستطيع أن أُرجعه له كماهو ولا أكون مضطرا لدفع قيمته، بحيث أنه يرضى فقط برد الجزء الذي لم يصرف من البضاعة على حالته، ولايلزمني بقيمته النقدية. وسؤالي هنا: أخذت من هذا الشخص بضاعة وذهبت أوزعها، وعندما رجعت من التوزيع رجعت ومعي جزء منها لم يبع وأرجعتها إليه وسددت له نصف المبلغ المستحق له من قيمة بضاعته التي بعتها، وبقي معي النصف ولم أخبره أنني بعت البضاعة، وهو يعتقد بأن النصف الآخر باق عندي على شكل بضاعة، وللعلم الرجل هذا حتى لو علم بأن النصف الآخر موجود على شكل مبلغ نقدي لن يطالبني به حتى أعطيه إياه بحكم تعاملنا الطويل في التجارة، حيث إنني أردت أن أشغل المبلغ الباقي من قيمة بضاعته عندي وأسدده فيما بعد، والآن مضت سنة على وجود المبلغ عندي وأنا أشتغل به وسؤالي هنا: هل علي أن أزكي هذا المبلغ، أو يزكيه صاحبه؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبضاعة التي تشتريها بالأجل ثمنها يكون من جملة الديون، فعلى القول الراجح يتم خصم الدين من مال الزكاة، وعلى هذا، فتحتسب ما لديك من مال وقيمة ما لديك من بضاعة، ثم تخصم ما عليك من الديون ـ ومن جملة الديون ثمن البضاعة الذي لم تسدده للتاجرـ لأن ثمن البضاعة من جملة الديون، ثم تخرج الزكاة على ما تبقى من مال إن كان يبلغ نصاباً، وخصم الدين من مال الزكاة هو قول الجمهور وهو الراجح، فجمهورأهل العلم على أن الدَّين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة وهي: الذهب والفضة والنقود وعروض التجارة، فإذا كان الدين يستغرق النصاب أو ينقصه فلا زكاة في هذه الأموال، وإن كان الدين لا ينقص النصاب حسم من مال الزكاة بقدره وزكي الباقي، وفي قول ثالث أن من عليه دين يخصمه ممّا بيده من المال إذا لم يكن عنده من العروض المتخذة للقنية ممّا لا يحتاج إليه ما يمكن أن يجعله في مقابلة الدين.
أما إن كان عنده من العروض المتخذة للقنية ممّا لا يحتاج إليه، فإنه يجعله في مقابلة الدين ويزكي ما بيده من المال، وراجع لمزيد تفصيل وبيان الفتاوى التالية أرقامها: 111959، 124533، 127119.
وبقي التنبيه على أمرين متعلقين بهذه المعاملة التي تجري بينك وبين التاجر:
الأول: أن من شروط البيع الآجل أن يكون الأجل معلوماً، فإذا كان الأجل مجهولاً، فإن العقد لا يصح، وراجع في هذا فتوانا رقم: 122398.
الثاني: لا بأس بأن يقبل التاجر أن ترد إليه جزءًا من البضاعة، وهذا من الإقالة المستحبة، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ. رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان، وصححه ابن دقيق العيد، كما قال الحافظ في تلخيص الحبير.
قال علي حيدر في دررالحكام: للعاقدين أن يتقايلا البيع برضاهما.
إن جواز الإقالة ثابت بالنقل والعقل، فمن النقل ما جاء في الحديث الشريف: من أقال نادما بيعته أقال الله تعالى عثراته يوم القيامة.
والعقل يقضي بأن من حق الطرفين أن يرفعا العقد تبعا للمصلحة ـ مجمع الأنهرـ للمتبايعين أن يتقايلا البيع في المبيع كله أوبعضه.هـ.
والله أعلم.