السؤال
أنا أعمل محاسبا مع رجل أعمال يعمل في مجال صناعة الصابون ومجال الاستيراد، تعرض قبل فترة لخسائر نتيجة صناعة الصابون، وفقد رأس ماله، وبقيت عليه ديون مطالب بها، فلجأ إلى البنك وأخذ مرابحة ربوية، وقام بسداد ديونه من مال البنك، قمت بنصيحته بأن ما قام به من باب الربا ويدخل في الحرام، تعهد لي بأن لا يقوم بأخذ مرابحة ربوية مرة أخرى، كما أنه يقوم باستيراد مواد للتصنيع باسم المصنع، ويمنح تخفيضا من الجمارك ليقوم بتصنيعها، ولكنه يقوم ببيعها في السوق بدلا من التصنيع مخالفا بذلك لوائح الدولة، كما أنه يقوم بتمويل تجارة الاستيراد بشراء بضاعة بالأجل ويقوم ببيعها لشخص آخر نقدا، علما بأن الشراء والبيع يتم باستلام إيصال بكمية البضاعة من البائع وتسليم الإيصال للمشتري بدون أن يستلم هو البضاعة.
هل العمل مع هذا الرجل يعد من باب التعاون على الإثم؟ وهل المرتب الذي آخذه حلال أم حرام ؟ الرجاء التوضيح الشافي ودمتم في خدمة الإسلام.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمل معه فيما هو غش وخداع ومعاملات محرمة يدخل في التعاون على الإثم المنهي عنه في قوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2}.
وأما العمل معه في ما هو مباح لاغش فيه ولاخداع فلا حرج فيه، وإن كان الأولى هو تجنب من كان حاله مثل ما ذكرت، وعدم العمل معه، والبحث عن غيره مما لاشبهة في ماله، ولايسلك تلك السبل المحرمة في معاملاته. للحديث: دع ما يريبك إلى مالا يريبك. كما في المسند والسنن.
وننبه إلى أنه لايصح بيع البضاعة قبل قبضها مطلقا في قول جمهور أهل العلم، لكن القبض في كل شيء بحسبه، فمنه ما يكون القبض فيه بحيازته، ومنه مايكون بتخليته ونحوه، والعرف في ذلك معتبر.
قال النووي في المجموع: الرجوع فيما يكون قبضا إلى العادة وتختلف بحسب اختلاف المال.
وهنالك قول للمالكية يخالف قول الجمهور وهو صحة بيع السلع قبل قبضها مالم تكن طعاما من معاوضة.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: وجاز البيع قبل القبض إلا مطلق طعام المعاوضة. قال: وأخرج به ( أي لفظ المعاوضة ) ما أخذ بقرض أو هبة أو ميراث فيجوز بيعها قبل القبض.انتهى.
وبناء على قول الجمهور- وهو الراجح- لايصح فعل ذلك الرجل من بيعه للسلع قبل قبضها، ويصح ذلك على قول المالكية ومن وافقهم . وقول الجمهور أقوى وأرجح لما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أما الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يقبض. قال ابن عباس: لا أحسب كل شيء إلا مثله. أي مثل الطعام.
فعلى صاحبك أن يكف عن ذلك الفعل مالم يقبض السلع التي يشتريها .
والله أعلم.