السؤال
قرأت أن إحدى طرق حفظ القرآن الكريم أثناء النوم، أي الاستماع إلى قارئ أثناء النوم ومن خلال هذه الطريقة يستفيد العقل الباطن من السماع ويساعد على الحفظ. واستشهدوا بقول الله تعالى جل جلاله: وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ. لو سمحتم فتوى؟ مع العلم حاولت أن أجربها، استحيت من نفسي أنني أستمع للقرآن وأنا نائم وأغلقه . وتذكرت الآية الكريمة من قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. والله أعلم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من كون العقل الباطن يستفيد من القرآن المتلو أثناء النوم فيسهل الحفظ بذلك ممّا لا نعلم ثبوته من عدمه. وأما استدلال من استدل بالآية فهو في غير محله، ولم نر أحدا من المفسرين فسرها على هذا الوجه أو ذكر هذا من معانيها التي تحتملها الآية.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ. أي: ومن الآيات ما جعل لكم من صفة النوم في الليل والنهار، فيه تحصل الراحة وسكون الحركة، وذهاب الكلال والتعب، وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار، وهذا ضد النوم، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ أي: يعون. انتهى.
ولا نطيل بذكر كلام المفسرين في معنى الآية إذ المقصود إيضاح معناها وأنها لا تدل على ما ذكره هذا القائل. وأما حفظ القرآن فإن طريقه هو الإخلاص لله عز وجل والصدق في طلب هذه الغاية الشريفة، وأن يلزم مريد الحفظ شيخا يضبط له القراءة ويتعاهده في الحفظ، وأن يكون له حظ ثابت ولو كان قليلا من المحفوظ ليتم له المقصود بإذن الله، مع الاشتغال بإدامة المراجعة وتعاهد ما تم حفظه لئلا يتفلت فإن القرآن أشد تفلتا من الإبل في عقلها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما تشغيل القرآن قبل النوم فلا بأس به إذا كان بهدف الانتفاع بما يسمعه قبل أن ينام وأن تحصل البركة في البيت وإذا استيقظ يستيقظ على ذكر الله عز وجل، وانظر الفتوى رقم: 10010. ولا يتنافى هذا مع قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ. {الأعراف: 204}. لأن هذه الآية خاصة بالصلاة، في قول أكثر المفسرين.
قال ابن كثير بعد إيراد الآثار الدالة على هذا القول: وهذا اختيار ابن جرير أن المراد بذلك الإنصات في الصلاة وفي الخطبة؛ لما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات خلف الإمام وحال الخطبة. انتهى.
ثم إن النائم غير مكلف بالأحكام الشرعية ومرفوع عنه القلم فإذا استيقظ من نومه شرع له الإنصات للقرآن.
والله أعلم.