السؤال
عندما يقرأ المسلم عن أحداث البرزخ والقيامة يخشع قلبه كثيرا، فيعمل الترهيب عمله بإبعاده عن المعاصي، ويعمل الترغيب عمله فيزيد الهمة والاجتهاد، ولكن باعتبار عقولنا غير مصممة لإدراك هذا المصير وتصوره التصور الصحيح ـ فنحن نستطيع الوصول لشاطئ البحر ولكن لا نستطيع الخوض فيه ـ
فعندما أقرا في كتبي عن ذلك يعتريني شعور بالغرابة شديد، وصعوبة في التصور، رغم أن إيماني ويقيني بهذا اليوم الجليل تامان ـ بحمد الله ـ وما تزيدني المذاكرة في أحداثه إلا خشوعا وقربا لله وبعدا عن معاصي قد أهم بها وكثيرا ما نجح ذلك معي، فهل هذه الغرابة تقدح في الإيمان؟ أم أن ذلك شعور طبيعي كون الإنسان قد حجب عنه الغيب بحكمة الله تعالى؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا غرابة أن يندهش الإنسان ويتعجب عندما يتفكر في أحداث البرزخ ويوم القيامة، وكيف لا وهو يوم تبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات، فمجرد التعجب والشعور بالاندهاش من ذلك لا يقدح في الإيمان به، وإنما يقدح فيه الشك، فما دمت مؤمنا مستيقنا باليوم الآخر، فلا يضرك هذا الشعور، وكذلك لا يضرك عدم قدرتك على تصور حقيقة أحداثه وكيفياتها؛ لأن ذلك من الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والله سبحانه وتعالى لا يعلم عباده الحقائق التي أخبر عنها من صفاته وصفات اليوم الآخر، ولا يعلمون حقائق ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة، ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة. (مجموع الفتاوى 3 /65).
والله جل وعلا إنما تعبدنا بالإيمان باليوم الآخر، لا بتصور حقيقته وكيفيته.
والله أعلم.