الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يختلف الحكم باختلاف تكييف المسألة

السؤال

تاجر إجمالي يبيع لعدد من التجار، ويعطونه ماله عملة معدنية، ويلزمونه بأخذها على أن يأخذ مع كل مليون 300 ألف عمولة، يدفعها لمن يقوم بتوزيع هذه العملة المعدنية في السوق واستبدالها بعملة ورقية، علما بأن البنك لا يستبدل العملة المعدنية بحجة أنها عملة متداولة بين الناس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان التعاقد حصل على العملة المعدنية، وأن يأخذ مع كل مليون زيادة 300 ألف فهذا أمر مشروع، ولا معنى لإلزامه بدفع العمولة إلى شخص آخر، لأن المبلغ إذا كان ثمنا لبضاعته هو فهو الأحق بالتصرف فيه كما يريد، وإن كان الثمن الذي باع لهم بضاعته به عملة ورقية لا معدنية فليس لهم إلزامه بأخذ العملة المعدنية، وإن قبل أخذها فهي مصارفة لا يجوز له أن يأخذ فيها أكثر من الثمن. وبناء عليه، فالثلاثمائة ألف التي يأخذها لتصريف العملة المعدنية زيادة محرمة وربا صريح لا يحل له أخذها، ولا يجوز لهم دفعها، والعقد المشتمل على ذلك باطل. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. {البقرة 278-279}.

ولكن لو كان الحال أنهم يوكلونه في بيع العملة المعدنية ويعطونه تلك الأجرة على تصريفها فلا حرج في ذلك، قال البهوتي: و يصح التوكيل بجعل معلوم كدرهم أو دينار، أو ثوب صفته كذا أياما معلومة، بأن يوكله عشرة أيام كل يوم بدرهم، أو يعطيه من الألف مثلا شيئا معلوما كعشرة، لأنه كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويعطيهم عليها، ولأن التوكيل تصرف للغير لا يلزمه فعله فجاز أخذ الجعل عليه كرد الآبق. اهـ

وإن فعل التاجر ما وكل إليه من مصارفة العملة المعدنية وصار بيده العملة الورقية فله أن يقضي نفسه منها ولا حرج في ذلك، وهذا تكييف مقبول لتلك العملية.

قال السرخسي في المبسوط: وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فدفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال: اصرفها وخذ منها، فقبضها فهلكت قبل أن يصرفها هلكت من مال الدافع، والمدفوع إليه مؤتمن ; لأنه قبض الدنانير بحكم الوكالة، والوكيل أمين فيما دفعه الموكل إليه من ماله، فإن صرفها وقبض الدراهم فهلكت قبل أن يأخذ منها حقه هلكت من مال الدافع أيضا ; لأنه في القبض بحكم العقد عامل للآمر فهلاكه في يده كهلاكه في يد الآمر حتى يأخذ حقه، فإذا أخذ حقه وضاع ما أخذه فهو من ماله، لأنه في هذا عامل لنفسه وإنما يصير آخذا حقه بإحداث القبض فيه لأجل نفسه. اهـ

لكن ليس للتاجر أن يصارف نفسه ويأخذ الأجرة لأن تلك حيلة على الربا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني