الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة تجب ما قبلها

السؤال

لقد أوقعتني نفسي الأمارة بالسوء في محرم كبير، لقد أحببت فيما مضى فتاة، ولقد شغفتني حبا، فصرت متعلقا بها، وتغير سلوكي حتى صرت متيما بها، ولا أهوى إلا إياها، فخفت أن أخسرها وتصورت أن بي سحرا، فقصدت عرافا تلو الآخر لأفك ما بي مما أتصوره سحرا، ثم قررت أن أسحرها، وأخذت طلاسم لأحرقها وحرقتها، ولكني لم أكن مقتنعا، ثم أخذت شيئا لأطعمها، ولكني امتنعت. في تلك الفترة كنت سيئ الخلق، وكنت لا أصلي، واقترفت المعاصي، وذهبت إلى الأطباء النفسيين، أما الآن فأنا أحاول جاهدا تذكر تلك الذنوب وإرجاع حقوق الناس قبل الممات، وخاصة تلك الفتاة، فذهبت إليها، وصارحتها، واستسمحتها واعتذرت إليها، وقبلت. وأنا خائف جدا، فما هو حكمي؟ وما ذا أستطيع تقديمه أكثر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئا للأخ السائل توبته إلى الله، ونسأل الله تعالى أن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجنبه مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. فباب التوبة مفتوح بفضل الله تعالى لكل إنسان مهما بلغ ذنبه، ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو يعاين الموت ويتيقنه، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.

ومن أوائل هذه الذنوب التي يجب إحسان التوبة منها: ترك الصلاة، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 5317 ورقم: 3146. ثم التوبة من الذهاب إلى السحرة والعرافين، فإن ذلك يعد من عظائم الذنوب، وراجع في ذلك الفتويين: 8631 ، 14231. ثم إقامة علاقة بامرأة أجنبية خارج إطار الزوجية، وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 9431 ، 1435.

فعليك ـ أخي الكريم ـ أن تنشغل بتحصيل توبة نصوح جامعة لشروط قبولها، من الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفا من الله تعالى، وتعظيما له وطلبا لمرضاته، والعزم الصادق على عدم العودة إليها أبدا، مع رد المظالم إلى أهلها واستحلالهم منها.

وعليك أخي الكريم بكثرة أعمال البر والطاعة تعويضا عما فات، فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.

وبالجملة فقد سبق بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة، وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، وبيان شروط التوبة ودلائل قبولها وما ينبغي فعله عندها، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10800، 1208 ، 93700 ، 5450 ، 75958 ، 29785.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني