الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الإتقان والإحكام

السؤال

أنا أريد أن أعرف الفرق بين الإتقان والإحكام مع الدليل؟ وأرجو منكم الإجابة لتعليم أبنائنا المسلمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئا لكم بالاهتمام بتعليم أبنائكم، ونفيدكم أنه يكثر في كلام أهل العلم تفسير كلتا الكلمتين بالأخرى، ولكن من نظر في أصل اشتقاقهما يظهر له أن بينهما فرقا، فأصل الإحكام المنع، وأصل الإتقان الحذق والجودة.

فقد قال الأزهري في التهذيب: قال الليث: التَّقْن: رسَابة الماء في الربيع، وهو الذي يجئ به الماء من الخثورة، يقال: تقنوا أرضهم، أي أرسلوا فيها الماء الخاثر لتجود. قال: والإتقان: الإحكام للأشياء...

وقال الفراء: رجلٌ تِقْنٌ حاذق بالأشياء...

وقال ابن السكيت: ابن تِقْنٍ: رجل من عاد، ولم يكن يَسْقُط له سَهْم.

وأنشد:

لأكلةٌ من أقِطٍ وسَمْن ... أليَنُ مَسًّا في حَوايا البَطْنِ

من يَثْرِبيّاتٍ قِذاذٍ خُشْنِ ... يَرمِى بها أرْمَي مِن ابنِ تِقْنِ

قلت: الأصل في التِّقْن ابن تِقْنٍ هذا، ثم قيل لكل حاذق في عمل يعمله عالم بأمره تقن، ومنه يقال: أتقن فلان أمره، إذا أحكمه. اهـ

و قال صاحب اللسان: وأتقن الشيء أحكمه وإتقانه إحكامه، والإتقان الإحكام للأشياء وفي التنزيل العزيز: صنع الله الذي أتقن كل شيء. ورجل تقن وتقن متقن للأشياء حاذق .... قال أبو منصور: الأصل في التقن ابن تقن هذا ثم قيل لكل حاذق بالأشياء تقن، ومنه يقال: أتقن فلان عمله إذا أحكمه ...اهـ

وقال القرطبي: صنع الله الذي أتقن كل شيء أي أحكمه ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله من عمل عملا فأتقنه. وقال قتادة: معناه أحسن كل شيء، والإتقان الإحكام يقال: رجل تقن أي حاذق بالأشياء. وقال الزهري: أصله من ابن تقن وهو رجل من عاد لم يكن يسقط له سهم فضرب به المثل يقال: أرمى من ابن تقن ثم يقال لكل حاذق بالأشياء تقن. اهـ

وقال ابن عاشور: والإحكام في الأصل المنع ، قال جرير :

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا

واستعمل الإحكام في الإتقان والتوثيق ؛ لأن ذلك يمنع تطرق ما يضاد المقصود، ولذا سميت الحكمة حكمة، وهو حقيقة أو مجاز مشهور.اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني