السؤال
يقول ربي سبحانه وتعالى: خالدين فيها مادامت السماوات والأرض. وفي آية أخرى: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب.
السؤال هو: في الآية الأولى دليل على دوام السماوات والأرض، وفي الآية الأخرى تطوى السماوات والأرض يومئذ قبضته عز وجل فكيف هذا ؟ وإذا كانت الآية الأولى المقصود بها في القبر فكيف خالدين فيها؟
مشكورين مأجورين بإذن من الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس في الآية الأولى دليل على دوام السموات والأرض المعهودين الآن في الحياة الدنيا.
قال ابن كثير:قال الإمام أبو جعفر بن جرير: من عادة العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدًا قالت: هذا دائم دوامَ السموات والأرض. وكذلك يقولون: هو باق ما اختلف الليلُ والنهار. يعنون بذلك كلمة: أبدا، فخاطبهم جل ثناؤه بما يتعارفونه بينهم، فقال: خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ.
قلت: ويحتمل أن المراد بما دامت السموات والأرض: الجنس؛ لأنه لا بدّ في عالم الآخرة من سماوات وأرض، كما قال تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ. {إبراهيم:48}. ولهذا قال الحسن البصري في قوله: مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ. قال: تبدل سماء غير هذه السماء، وأرض غير هذه الأرض، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض.
وقال ابن عباس في هذه الآية: لكل جنة سماء وأرض.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما دامت الأرض أرضا، والسماء سماء. اهـ.
وأما قوله تعالى: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ. فقد سبق تفسيره في الفتوى رقم: 35709.
والله أعلم.