الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى صحة أن أصل الصفا والمروة إنسانان مسخا

السؤال

قال لنا أستاذ الشريعة أمران:
الأول عن الصفا والمروة: قال: قصتهما في عهد نوح عليه السلام، وذلك أن شابا أحب فتاة فخطبها لكن أهلها رفضوه، فاتفق معها سرا على أن يلتقيا عند الكعبة فحدث ذلك وزنا بها، فغضب الله تعالى ومسخهما إلى حجران هما الآن الصفا والمروة.
الثاني: قال فيه: إن نسيان أي كلمة من القرآن يعد تحريفا فلكل حرف وحركة ملك خاص، وبمجرد نسيان حركة أو تغيير مكانها يعد تغييرا لأماكن الملائكة وبالتالي يعد شركا بالله.
فهل هذه الأقوال صحيحة?
مع العلم أنه لا أحد من 120 طالبا صدق هذا.
بارك الله فيكم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الصفا والمروة جبلان معروفان بمكة المكرمة وهما من شعائر الله ومناسك الحج والعمرة كما هو معلوم عند كل مسلم، وهما الجبلان اللذان صعدت عليهما أم إسماعيل عليهما السلام تنظر هل ترى من أحد عندما تركها إبراهيم عليه السلام مع ابنها بوادي مكة وليس به أنيس، وقصتها في الصحيحين عن ابن عباس وفيها: فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً، فلم تر أحداً فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات.

ولعل هذا الأستاذ يقصد ما ذكره غير واحد من أهل السير والشمائل عن جرهم وبغيهم في الحرم حتى ارتكب رجل وامرأة منهم الفاحشة فيه فمسخهما الله تعالى حجرين.

قال ابن كثير في السيرة: ثم بغت جرهم بمكة وأكثرت فيها الفساد، وألحدوا بالمسجد الحرام، حتى ذكر أن رجلا منهم يقال له إساف بن بغى وامرأة يقال لها نائلة بنت وائل اجتمعا في الكعبة فكان منه إليها الفاحشة، فمسخهما الله حجرين، فنصبهما الناس قريبا من البيت ليعتبروا بهما، فلما طال المطال بعد ذلك بمدد عبدا من دون الله في زمن خزاعة. كما ذكره الأزرقي في تاريخ مكة.

وجاء مثل ذلك في بعض كتب الحديث مثل جامع الأصول لابن الأثير، والأوسط للطبراني.

وقد وضع الناس هذين الحجرين بعد ذلك فوق الصفا والمروة وعظمتهما قريش فكانوا ينحرون لهما ويعبدونهما كغيرهم من الأصنام وإليهما يشير أبو طالب في لاميته المشهورة فيقول:

وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم * بمفضي السيول من إساف ونائل.

هذا، ولا يخفى على السائل الكريمة أنه مع ما في هذه القصة من الغرابة فليس فيها ما يشهد لما ذكر في السؤال من أن أصل الصفا والمروة إنسانان مسخا؛ بل غاية ما فيها أن الحجرين اللذين آل إليهما حال الإنسانين الممسوخين قد وضعا على جبلي الصفا والمروة.

وأما ما ذكر عن نسيان كلمة من القرآن وموضوع الملك، فلم نعثر على أصل وما نظن أنه يثبت بحال.

وقد سبق أن بينا حكم نسيان القرآن وإهماله والتفريط فيه في الفتوى: 19089. فنرجو أن تطلعي عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني