السؤال
المرجو منكم أن تدعوا لي بالنجاح في الامتحان حتى أفرح والدي جزاكم الله عني كل خير، وأريد أن أستفتيكم إذا سمحتم في الأمر الآتي: هو تعلق الطالبة أولى باكالوريوس بأستاذها، طبعا حرام وأدعو الله لكي يثبتني. مع العلم أني أتفاداه وأحاول غض بصري لكن أفشل أمام نظراته التي تلاحقني بالرغم أنه شاب ملتزم. لكن لا أفهم هذا الأمر لماذا أنا بالضبط. ولماذا تأثرت بنظراته حتى إني مع محاولتي أن أنساه مرضت. أرجوكم أفتوني في أمري؟ الآن أنا كرهت أن يكون عندنا مدرسون، وأكره الاختلاط في الدراسة لكن أبحث عن الحل. أنا أقرأ القرآن لكي أنسى لكن الشيطان لعنة الله عليه يصر على تذكيري، ويوهمني أني أعجبته ويريد الزواج مني، وهذا ليس واقعا بل خيال لأنه أجمل مني. وأرجو من الله أن يغفر لي. المرجو الإجابة في أسرع وقت؟
جعلكم الله صلاحا للأمة، وجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يوفقك وسائر المسلمين، ثم اعلمي أن ما تعانين منه سببه تعدي حدود الله تعالى وعدم الالتزام التام بتعاليم هذا الدين الحنيف، فإن الله تعالى جعل بين الرجال والنساء سياجا وحائلا، فلا يجوز إطلاق البصر ولا الكلام لغير حاجة ونحو ذلك من التشريعات التي ليس مقصودها التعنيت على البشر ولا إتعابهم، وإنما شرعها الله لمصلحتهم، فمن تعدى حدود الله فأطلق بصره حيث لا يحل له أن يطلقه، أو تجاوز حدود الله في الحديث فتوسع فيه بما لا يحل فقد أوقع نفسه في العنت والحرج فعصى ربه وأتعب نفسه، ومن ههنا يظهر كمال الشريعة ورعايتها لمصالح المكلفين، والواجب عليك الآن هو التوبة النصوح ممّا ألممت به من المخالفة بإطلاق البصر إلى هذا الأستاذ الأجنبي عنك فإن نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي على وجه يجر إلى الفتنة والشر ممّا لا شك في منعه، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. {النور 31}. واعلمي أن التوبة النصوح يكفر الله بها الذنوب ويمحو السيئات قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ. {الشورى:25}.
ثم عليك أن تشغلي نفسك بما ينفعك من الإقبال على العبادة والاجتهاد في الطاعة من حفظ القرآن وقراءته، والاشتغال بالنوافل، ممّا له أكبر الأثر في ملء قلبك بمحبة الله تعالى ،فإن القلب إذا امتلأ بمحبة الله لم يكن فيه مكانٌ لتلك المحبة الباطلة، وإنما تعمرُ محبة الشهوات القلوب بسبب نقص محبة الله فيها كما قال القائل:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى * فصادف قلباً فارغاً فتمكنا
فعليكِ أن تجتهدي في تحصيل أسباب محبة الله تعالى، واستمري في مجاهدة نفسكِ، وعدم الاستسلام لوساوس الشيطان، وثقي بأنك لو صدقتِ اللجأ إلى الله في أن يشفيكِ من هذا الداء، ويزيل عنكِ هذا المرض، فإنه تعالى لن يخيب سعيك، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. {العنكبوت:69}.
واعلمي أن العشق من أخطر الأمراض، وأفتك الأدواء التي إن تمكنت من قلب أفسدته، فتعوذي بالله من العشق، واستعيني بالله على مدافعته. نسأل الله أن يشفيكِ وسائر المبتلين.
وللفائدة راجعي الفتويين رقم: 103762، 110661.
فعليك الحذر من إطلاق البصر والحديث مع هذا الرجل لغير حاجة.
وأما ما وقع في نفسك من كراهة الاختلاط فهذا من الخير، فاحمدي الله عليه، واسعي إلى العمل بما توجبه هذه الكراهة من سد ذرائع الفتن، وتقليل أسباب الشر، والله المسؤول أن يوفقنا وإياك لما يحبُ ويرضى.
والله أعلم.