السؤال
ماذا تقول في شاب عمره22عاما كان يحفظ من كتاب الله، وكان من الشباب الذين يحافظون على الصلاة في المسجد، ويسعى في أن يعف نفسه وأن يرزقه الله رزقا حسنا، ثم تبدل به الحال فإذا به توقف عن حفظ وتحفيظ القرآن، ولا يقرأ القرآن إلا بين الحين والآخر وبدون تدبر وخشوع، وأصبح يفوت الصلاة في المسجد ويجمع عدة صلوات مع بعضها، وينام عن الأخرى، أو يجمع أياما مع بعضها، وتخلى عن اللحية وأصبح أمر حلق اللحية هينا عليه، ولم يستطع أن يعف نفسه فتوقف عن الصيام، وإن صام فبلا روح، صيام عن الأكل والشرب فقط، وهيأت له نفسه فعل السوء منذ شهر فمارس العادة السيئة ولأول مرة بعد22 عاما، وأصبح من المدمنين عليها كل يوم، وأحيانا مرتين في اليوم، يندم بعدها يغتسل يصلي، ويأتي عليه كل ليلة مساء يفعل هذا الفعل السوء ثم يصحو الصبح يقول لن أفعل ذلك، أغض بصري ثم يصلي، ثم يأتي ليلة عليه يفعل الفعل السوء كل يوم على ذلك قرابة الشهر، رغم أنه قرأ عن حرمتها وأضرارها ولكن تسول له نفسه في لحظات الدخول إلى المواقع الجنسية ثم يفعل فعلته، ساءت حالته أصبح ينطوي على نفسه وحزينا ينام لوقت طويل، ضاعت منه صلاة الفجر، كل من يراه يقول له أصبحت من العبوسين ودائما حزينا، لم يستطع الحصول على شقة للزواج بسبب ارتفاع الإيجارات وضعف راتبه، انشغل عنه أصحاب الخير الذين كانوا يرافقونه ويدلونه على الخير،كل في عمله، وأصبح رفيق الهوى والنفس السوء والشيطان. أحبتي في الله إخواني وأخواتي بالله عليكم أسألكم توجيه نصيحة له، وأرجو من كل من يقرأ هذه الفتوى ومن شيوخنا الأفاضل الدعاء له بظهر الغيب، فو الله إنه بأشد الحاجة أن يثبته الله عز وجل وأن يرده إلى دينه ردا جميلا، وأن يحفظه من الفتن، وأن يعافيه الله من هذه العادة الذميمة.
نسألكم الدعاء بالله عليكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يرد هذا الشاب إلى دينه ردا جميلا، وأن يعافيه من كل سوء وبلاء إنه سميع مجيب.
ثم إننا نوصيه بهذه المناسبة بأن يكثر من الدعاء لنفسه بالتوبة والهداية، فمن يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وعليه أن يصدق مع الله تعالى فمن يصدق الله يصدقه، قال سبحانه: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ. {محمد:21} .
ونقول لهذا الشاب: أترضى أن يكون لك نصيب من هذه الآية: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. {الأعراف:175، 176}.
أتأمن مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، فما يدريك أن يفجأك الموت فتندم حين لا ينفع الندم، قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. {الزمر:54ـ56}.
وننصحه بأن يخلو ساعة بنفسه يتفكر في حاله ويقارن بين حال الإيمان والصفاء الذي كان عليه حين كان مقبلا على حفظ كتاب الله محافظا على فرائضه، وبين حال التعاسة التي هو عليها الآن والتي بدت على صفحات وجهه فرآها الناس عليه، فإن هذا من ذل المعصية، وقد صدق من قال: ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة.
وعليه في ساعة الخلوة هذه أن يحاول التماس السبب الذي أوقعه في هذا الردى بعد أن كان على الهدى، فربما يكون قد زلت قدمه بالوقوع في ذنب عوقب بسببه بالحرمان من نور الطاعة وسلطت عليه بسببه الشياطين فأصبحت تؤزه إلى المعاصي أزا.
وعلى كل حال فإننا ننصحه بالتوبة النصوح مما يأتي من منكرات ولا سيما التفريط في الفرائض كفريضة الصلاة، فهي أفضل الأعمال ومن حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
وعليه أن يعلم أن في إثارة الشهوة بمشاهدة الأفلام الإباحية فتحا لباب الفتنة على القلب، وإذا كان يتحسر الآن على فعله عادة الاستمناء فربما جاء يوم يتحسر فيه على ما هو أعظم من ذلك.
ولا شك أن الزواج من أعظم ما يمكن أن يعف به نفسه عن الوقوع في الفواحش، وننصحه بأن يكثر من دعاء الله تعالى أن ييسر له أمر الزواج، وعليه أيضا أن يجتهد في البحث عن بعض الصالحين الذين يريدون إعفاف بناتهم فيتزوج منهم فربما أعانوه في أمر الحصول على مسكن، وإذا لم يتيسر له الزواج فعليه بالعودة للصيام، وإذا عجز عنه فهنالك كثير من الأمور الأخرى التي يمكن أن تعينه على العفاف كصحبة الصالحين وممارسة الرياضة، وللمزيد يمكن مراجعة الفتوى رقم: 52421 . وقد سبق لنا بيان وسائل تقوية الإيمان والمحافظة عليه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10800 ، 6342 ، 31768 ، 76210 . وسبق أيضا بيان الأسباب المعينة على التخلص من غواية الشيطان في الفتويين: 33860، 56356 . ويمكنه أيضا أن يكتب إلى قسم الاستشارات بموقعنا هذا فسيجد بإذن الله من المستشارين هنالك التوجيهات النافعة.
والله أعلم.