السؤال
لا أحس بطعم السعادة أبدا ودائما أفكر بالانتحار ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك عيش السعداء، ونزل الشهداء، ومرافقة الأنبياء بمنه وكرمه؛ إنه سميع مجيب.
ونرجو أن تسمحي لنا أن نوجه إليك هذا السؤال ألا وهو، هل تدرين أين السعادة؟ والجواب موجود فيما جاء به الوحي من رب السماء والأرض، والذي خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه، حيث بين في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن السعادة في الإيمان وفي تقوى الرحمن وعمل الصالحات، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} وقال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:123، 124} وقد دلت هذه الآية على أن من أعظم أسباب الشقاء الإعراض عن الله تعالى والبعد عن دينه، وإننا نخشى أن تكوني ممن ذهب يبحث عن السعادة في أمور أخرى ليست مما يحقق السعادة أصلا، أو لا تحقق السعادة إلا إذا كان معها الدين كما هو الحال في المال.
فمكمن العلاج يتحقق بجانبين:
الجانب الأول: التوبة الصادقة لله تعالى، فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{التحريم:8}. ثم إنه يجب عليك الحذر والتخلص من كل وسيلة قد تقودك إلى المعاصي، بالإضافة إلى اجتناب مصاحبة رفيقات السوء. وهذا الجانب نسميه بجانب التخلية والتفريغ.
الجانب الثاني: الحرص على فعل الطاعات والمحافظة على الفرائض ولا سيما الصلاة، والإكثار من ذكر الله وشكره، فقد قال تعالى: أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} وقال سبحانه: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}
ونوصيك بمصاحبة النساء الصالحات، فإنهن إن نسيت ذكرنك، وإن ذكرت أعنك.
وأما الانتحار فنوصيك أن تفري منه فرارك من الأسد أو أشد، ولا تفكري فيه أبدا، ولا تدعي خاطره يمر بقلبك، فقد كاد لك الشيطان حين نكد عليك حياتك الدنيا، ويريد أن يقودك إلى نكد أعظم في نار جهنم، وتدبري معنا هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. عصمنا الله وإياك من الزلل وخطأ العمل.
وفي الختام نقول لك: عليك برقية نفسك والمحافظة على الأذكار، وإن كنت في حاجة إلى مراجعة بعض المختصين في طب النفس لإعطائك شيئا من العقاقير المهدئة فراجعي بعض الثقات وأهل الخبرة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني