السؤال
ولدت في أسرة ملتزمة دينيا، وكان والدي داعية إلى الله، واتخذت نفس الطريق عند بلوغي سن الخامسة عشر حتى وفاة والدي وأنا بسن العشرين، وهنا حدث ما أريد السؤال بشأنه: لقد تغيرت 180 درجة كأنني أصبحت شخصاً آخر، أصبحت بلا خلق ولا أعطي أهمية لأي شيء أو شخص حتى الله سبحانه وتعالى، وحدث ذلك بعد وفاة والدي بسنتين، وقد هاجمتني موجة اكتئاب عارمة جلست بسببها فى بيتنا لمدة ثلاث سنوات، لا أخرج ولا أخالط الناس، وأثر ذلك على دراستي ففشلت كثيراً، وأنا مدمن للمواقع الإباحية والأفلام الجنسية، كلما تركتها عدت إليها حتى أصابني اليأس فى نفسي، وأصبحت أكذب وألعن وأشتم وتركت الصلاة مدة ثلاثة أشهر لا أصلي إلا إذا كان أحد موجوداً وألح علي بالصلاة، ولا أحب الناس وأكرههم كثيراً، حتى أنني أكره أمي وإخوتي، وأنا الآن أحس بضياع شديد، ولا أعرف من أين أبدأ، وأين أتجه، وماذا أفعل، وأخاف أن أموت، وأنا على هذه الحالة، فأدخل النار، ويغضب مني الله مع أني أحبه، وأحب أن أكون من الصالحين، فأرجوكم قد تكون إجابتكم فيها دوائي فأنقذوني، وأرجوكم لا تذكروا اسمي أو إيميلي في الرسالة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا وإياك حسن الختام والبعد عن الآثام... وإننا نحسب أنك على خير وفي بداية العودة إلى الطريق الصحيح، لأن إدراك الإنسان لتفريطه ومدى تقصيره علامة خير فيه، فقد أخبر الله سبحانه عن بعض الغافلين فقال: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ {الأعراف:30}، فالذي لا يحس هو صاحب القلب الميت، وقد صدق من قال: ما لجرح بميت إيلام.
وننصحك أولاً بالتماس الأسباب التي دعت إلى تغير الحال، فقد تكون معصية وقعت فيها فتحت أبواباً من الشر على نفسك، فضعفت همتك وأقعدتك عن طلب المعالي، أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، وضيقاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق.. انتهى.
وقد تكون شددت على نفسك ولم توازن بين حاجة الروح وحاجة الجسد، فحصل لك شيء من الملل، وقد يوجد غير ذلك من الأسباب، وأنت أدرى بحالك، فالمقصود أن تلتمس هذه الأسباب، فتعمل على تداركها وإزالتها، وتتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، مما وقعت فيه من المعاصي، وهذا من باب التخلية قبل التحلية.. ثم عليك بعد ذلك بالإقبال على نفسك واستكمال فضائلها، وستجد نفسك قد عدت إلى سيرتك الأولى نشاطاً في الطاعة وحرصاً على العبادة.
وقد سبقت لنا عدة فتاوى تبين أسباب الفتور وسبل علاجه، ووسائل تقوية الإيمان والرجوع إلى الرحمن، فنرجو أن تراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17666، 111852، 10800.
وإذا أحسست بأنك ربما تكون في حاجة إلى مراجعة بعض أهل الاختصاص من الأطباء النفسيين فعليك بمراجعة الثقات وذوي الخبرة منهم.
والله أعلم.