السؤال
والدايَّ يمنعان زكاة الذهب منذ أكثر من خمسة عشر سنة بدعوى أنه حلي للزينة تلبسه أمي في المناسبات؛ والواقع أنها اشترته لتدخره أولا لنائبات الزمان وتلبسه كذلك في الأفراح، هذا الأمر أضر بهما وبي كثيرا: أمراض مزمنة، وعدم راحة البال لهما، وفشلي في دراستي الجامعية، وعدم حصولي على عمل منذ سنوات عديدة، فهل يجب علي بيع جزء من هذا الذهب دون علمهما وأسدد به هذا الدين، علما أنني ذكرتهم وفسرت لهم مرارا ولكن دون جدوى.أفتونا مأجورين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 6237أن الحلي المتخذ للزينة والادخار تجبُ فيه الزكاة، وعليه فالواجب على والديك التوبة النصوح إلى الله عز وجل، والمبادرة بإخراج ما لزمهما من حق.
وأما أنت فلا يلزمك إلا تذكيرهما بذلك، وأن تبين لهما ما يجبُ عليهما وتذكر لهما وعيد مانع الزكاة كما نطقت به الآيات والأحاديث، فإن استجابا فذاك هو المراد، وإن لم يستجيبا فليس عليك من الإثم شيء، فإن الله عز وجل يقول: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. {فاطر:18}.
وأما أن تأخذ من مالهما بغيرِ علمهما لتخرج الزكاة فهذا لا يجوز لك، ولا يجزىء عنهما، لأن من شرط إجزاء الزكاة عن صاحبها أن يخرجها بنية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفقٌ عليه.
فإخراج الزكاة بغير إذن صاحبها لا يسقط عنه الفريضة، قال الشيرازي في المهذب: وإن نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجزئه، لأن الزكاة فرض على رب المال فلم تصح من غير نية. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: مذهب عامة الفقهاء أن النية شرط في أداء الزكاة، إلا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال: لا تجب لها النية. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وأداؤها عمل، ولأنها عبادة تتنوع إلى فرض ونفل ، فافتقرت إلى النية كالصلاة، وتفارق قضاء الدين فإنه ليس بعبادة، ولهذا يسقط بإسقاط مستحقه، وولي الصبي والسلطان ينوبان عند الحاجة . فإذا ثبت هذا فإن النية أن يعتقد أنها زكاته، أو زكاة من يخرج عنه. كالصبي والمجنون، ومحلها القلب، لأن محل الاعتقادات كلها القلب... إلى أن قال: ولو نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجز، لأن الفرض يتعلق به، والإجزاء يقع عنه .انتهى. وانظر الفتوى رقم: 94739.
وأما ما يصيبكم مما ذكرت من البلاء والضيق، فنسأل الله أن يرفعه عنكم، وعليكم بالتوبة والاستغفار والإكثار من ذكر الله، وعليكَ أنت بمداومة تذكيرهما ونصحهما في الله، مع الحرص على أن يكون ذلك في رفق وأدب، وأن تعلمهما أن المعاصي سبب للبلاء، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. {الشورى:30}.
والله أعلم.