الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهواجس العارضة لا تترتب عليها ردة، ولا تحبط العمل

السؤال

قد يضحك أحد من سؤالي، لكني أريد أن يطمئن قلبي:
كنت أعاني من الوسواس، والحمد لله عافاني الله منه، لكني تذكرت مؤخرا أنني حينما كنت صغيرا، لا أذكر أكنت قد بلغت الحلم أم لم أبلغه بعد، تذكرت أنه كان يأتيني وسواس حتى خيل لي في لحظات، وأنا صغير لا علم لي، خيل لي أنه يوحى إلي، وأظنني قد قلت بيني وبين نفسي: يا رب إن كان هذا وحيا من عندك فاجعلني أحس به مثلما أعيش بين الناس. لست متأكدا أنني قلت هذا، وللإشارة فقد كنت منذ صغري معروفا بالاستقامة والحمد لله، وكنت أحاول المحافظة على الصلاة حتى أكرمني الله بالمحافظة عليها، وأنا أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم طول عمري، والآن بعدما كبرت وتزوجت يأتيني هاجس يقول لي أن ذلك كان ردة وكان علي أن أغتسل وأنطق الشهادتين بنية الدخول في الإسلام من جديد، أقول في نفسي: كنت جاهلا وصغيرا لا علم لي، لكن رغم ذلك، فإنه بعدما أكثر علي الوسواس، أتذكر أنني قبل الاغتسال أقول في نفسي: سأغتسل الآن وسأنطق الشهادتين وأبدأ حياة جديدة بدون هاته الوساوس. وبعد الاغتسال أقول في نفسي: إن كنت قد وقعت في ردة أو ما شابه فها أنا قد اغتسلت والآن سأنطق بالشهادتين، وأفعل ذلك، لكن الهاجس أو لعله وسواس جديد، يقول لي إنه كان علي أن أقول ذلك أي: إن كنت قد وقعت في ردة أو ما شابه فها أنا قد اغتسلت والآن سأنطق بالشهادتين، قبل الاغتسال وليس بعده.
فهل ما بدر مني بغير علم هو ردة، علما أنني لا أذكر أبدا أنني شككت في الله أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكني أخشى أن أكون قد وقعت في ذلك – شك - تحت ضغط الوسواس ولا أتذكر الآن، فتكون جميع أعمالي محبطة وزواجي ليسا صحيحا؟
أرجوكم أفيدوني هل عملي محبط؟ وهل زواجي غير صحيح؟ هل إذا وقع مسلم في ردة ثم اغتسل بعد ذلك، من جنابة مثلا، ونطق الشهادتين لكن دون نية الدخول في الإسلام لأنه لم يدر أنه قد خرج منه، يجزئه ذلك الاغتسال ويكون مسلما صحيح الاسلام أم ماذا؟ ثم بعد ذلك تبين له أنه وقع في ردة، هل يبقى زواجه صحيحا أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنهنئك على الاستقامة ومحبة الله تعالى ورسوله، ونسأله أن يجنبك الوساوس وكل مكروه، واعلم أن الهواجس التي كنت تشعر بها في صغرك أو بعد البلوغ لا أثر لها، ولا مؤاخذة عليها، وأهم علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وما قمت به ـ بعد كثرة الوساوس ـ من الاغتسال والنطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام قبل الاغتسال أو بعده كلها أمور لا تلزمك، وهي نتيجة للوساوس التي تشعر بها.

وعليه، فتلك الهواجس لا تترتب عليها ردة، ولا تبطل زواجك ولا تحبط عملك، فهون على نفسك، وعند الشعور بتلك الوساوس استعذ بالله من الشيطان ولا تلفت إليها، واشغل نفسك بما يفيد كتلاوة القرآن أو الدعاء، وغير ذلك من أنواع الطاعات، هذا عما يخص حالتك أنت.

وبالنسبة للحكم الشرعي عموما فإن الشخص إذا لم يدر أنه خرج من الإسلام فهو باق على إسلامه ولا يلزمه النطق بالشهادتين لدخول الإسلام، وإذا تبين أنه وقع في ردة انفسخ نكاحه مع تفاصيل عند العلماء إذا كان ذلك قبل الدخول أو بعده، ويشترط لدخوله في الإسلام التلفظ بالشهادتين مع نية الدخول في الإسلام، أما الاغتسال حينئذ فالراجح أنه مستحب فقط لا واجب، وراجع في ذلك الفتويين 17454، 34954.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني