السؤال
أنا عبد من عباد الله ابتلاني بمرض الوسواس القهري، ولعل هذا الوسواس إن كان في أي شيء غير الله سبحانه وتعالى لهان الأمر، ولعله أتى في أمور أخرى ولكني تغلبت عليه، أما أنه في أغلى شئ فقد آذاني كثيرا، ولعلي أجاهده منذ سنوات، وأعمل على المواظبة على الصلوات في المسجد، كما أنني أتعالج طبيا من هذا المرض.
وسؤالي -جزاكم الله خيرا- هو:
أنني أشتاق كثيرا إلى زيارة بيت الله الحرام للعمرة، ولكني أخاف أن تأتيني الوساوس وأنا هناك فيحاسبني الله عليها، هذا مع العلم أنني قد قمت بالحج بالفعل مرتين قبل ذلك وكنت أيضا خائفا من الذهاب ولكني تغلبت على نفسي وفوضت أمري إلي الله.
فهل لي أن أعتمر حيث أنني أشتاق كثيرا، وهل خوفي من الذهاب خوفا من الوساوس هو من الشيطان، ويريد أن يمنعني أم أتوكل على الله وأذهب للعمرة ولا أهتم بالوساوس مهما كانت، وهل هذا يكون جهادا للوسوسة؟
أرجو الاهتمام بسؤالي. ولكم مني كل الشكر والتقدير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يمن عليك بتمام العافية، واعلم أنك على خير ما دمت تجاهد نفسك للتخلص من هذا الوسواس، وجهاد النفس من أهم أنواع الجهاد وأشقها، وفي الحديث: أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه. رواه ابن النجار عن أبي ذر وصححه الألباني.
ونصيحتنا لك أن تستمر في مجاهدة نفسك، وأن تمضي في طريق العلاج من هذه الوسوسة، واعلم أن الله سيعينك على التخلص منها لأنه تعالى يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. {العنكبوت:69}. ومن تمام جهادك نفسك أن تمضي في عباداتك غير ملتفت لتسويل الشيطان وتثبيطه لك عن العبادة.
فعليك أيها الأخ الكريم أن تبادر بالذهاب إلى بلد الله الحرام، وتعرض عن هذه الوساوس الشيطانية, واعلم أنك لا تؤاخذ على ما يعرض لك من الوساوس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم .متفق عليه, والله أرحم بعبده من الأم بولدها، فهو المسؤول تعالى أن يثيبك على هذا البلاء وعلى صبرك ومجاهدة نفسك خيرا.
واجتهد في الدعاء وأنت في بلد الله الحرام أن ينعم الله عليك بالعافية التامة، وأكثر من شرب زمزم لهذا الغرض فإن زمزم لما شربت له. كما ورد في الحديث.
عافاك الله وسائر المبتلين من المسلمين.
والله أعلم.