السؤال
يا شيخ كنت إنساناً ضالاً أضلنى بعض الناس مثل جمال البنا وغيرهم الذين يقولون إن العلمانية ليست ضد الإسلام، وإن الليبرالية شيء محمود، وإنه ليس ضد الإسلام فى شيء، وبالفعل أعجبت بتلك الآراء، ودافعت عنها، وقمت بإقامة موقع على الإنترنت صفحة للعلمانية، وقمت فيها بتعريف العلمانية، وتجميع العلمانيين فى الوطن العربي، وكنت أتناقش كثيراً مع المخالفين وأجادلهم، وكان هذا منذ أكثر من عام، إلى أن هداني الله برحمته وعرفت الحق وضلال تلك الأفكار، فأغلقت الصفحة وقام آخرون بإقامة صفحة مثلها بدلاً من صفحتي عن العلمانية، فأعلنت عليها توبتي وأني تبت من تلك الآراء، ولكن دائما يأتيني سؤال هل سوف يقبل الله توبتي.. فأنا كنت أدعو إلى الضلالة، فهل بتوبتي سقطت أوزار من أضللتهم، فأخاف أن يكون هناك شخص اقتنع بآرائي ولا يعرف أنني أعلنت توبتي، فتكون أوزار ضلالته علي.. فماذا أفعل، وهل توبتي صحيحة.. أفتوني فأنا خائف جداً من عذاب الله. وأحيانا تأتيني أفكار أنه ليس لي توبة، ولكن لا أريد أن أقنط من رحمة الله، ولكن أيضا أستحضر أنني كنت أدعو إلى الضلالة فأخاف؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعبد مكلف بالاستقامة على طاعة الله والبعد عن الذنوب، ومكلف كذلك بالتوبة والإنابة إلى ربه إذا حصل منه ما يخالف الشرع، فقد ذكر الله من صفات المتقين أنهم إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ {الأعراف:201}، وقد وعد سبحانه وتعالى بالرحمة والغفران من تاب واستغفر بعد الذنب، فقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54}، وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110}.
فباب التوبة مفتوح بفضل الله تعالى لكل إنسان، ما لم تطلع الشمس من مغربها أو يعاين الموت ويتيقنه، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، فهنيئاً لك أخي السائل بتوبة الله عليك وأبشر بما يسرك، واعمل بقول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}، ومن هذه الحسنات الماحية ما قام به السائل الكريم من إغلاق الصفحة، وإعلانه توبته. وينبغي أن يزيد على ذلك الاجتهاد في الدعوة إلى الله، وبيان الحق الذي هداه الله إليه، جاء في الموسوعة الفقهية: التوبة من البدعة: بالاعتراف بها والرجوع عنها واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها. انتهى.
والله أعلم.