الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أقبل على ربه أقبل الله عليه

السؤال

كنت أحس براحة وإيمان قوي سرعان ما تبدل فبدأت وساوس الشيطان تجري في جسدي وبدا ذلك حين دخلت لكي أستحم أحسست بحرارة تصعد في جسدي قبل رمضان مند ذلك بدأت أحس بخوف وصداع في رأسي وبرجفة في ركبتي لا أعرف ما السبب هل هو كثرة الذنوب أم هي عين ضربتني أقسم أنني ابتعدت الآن عن كل ما أحسه سيغضب ربي لكن لا زلت أحس بقلة الإيمان وبوساوس تحاول ما أمكن إبعادي، ادع لي بالتوبة النصوح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في أن قلة الإيمان والبعد عن الله عز وجل أثر من آثار الذنوب والمعاصي بل هو من أخطر آثارها كما بين ابن القيم في الداء والدواء.

وقد قال بعض السلف: إن من علامة الحسنة الحسنة بعدها، ومن علامة السيئة السيئة بعدها. وشاهد ذلك في القرآن فإن الله تعالى قال: فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلوبَهُم {الصف:5}. وانظري الفتويين: 41620, 41594.

ولذا فالواجب على كل من شعر بقسوة في قلبه أو قلة في إيمانه أن يتدارك ذلك بتوبة عاجلة واستكثار من الحسنات الماحية، وليثق بأنه متى أقبل على ربه فإن الله سيقربه إليه ويبدله بالقسوة لينا وبالبعد قربا.

وفي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في صحيحه: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها, ولئن سألني لأعطينه, ولئن استعاذ بي لأعيذنه.

وفي البخاري أيضاً من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي يرويه عن ربه: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا, وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا, وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة.

وقد قال تعالى محذراً من الغفلة وداعياً عباده إلى الإقبال عليه والإنابة إليه: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ {الحديد: 16}.

ولا تطلب الراحة والسعادة إلا في مرضاة الله تعالى, فعلى العبد أن يثق بموعود الله وأن يعلق قلبه به، وأما الوساوس فسبيل علاجها هو مدافعتها والإعراض عنها وألا يلتفت العبد إليها لكي لا تفسد عليه دنياه وآخرته, وإذا أصاب العبد مرض عضوي كصداع أو نحوه فالذي ينبغي له أن يتداوى بالأدوية المشروعة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالتداوي وحث عليه. وذلك بالذهاب إلى الأطباء الثقات واستعمال الرقى النافعة مما ثبت في الكتاب والسنة.

ونحب أن ننوه هنا على أن الحسد ثابت قطعاً بدلالة الكتاب والسنة التي لا ريب فيها, وليس معنى هذا أن يعلق الإنسان كل ما يحصل له من مكروه على العين بل لا بد من وضع الأشياء في إطارها الشرعي دون غلوٍ أو جفاء ودون إفراطٍ أو تفريط.

ونسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا وأن يهدينا وإياك سواء السبيل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني