السؤال
لقد مارست اللواط كفاعل عدة وأدخلت أصبعي في دبري مرتين تلذذا و ندمت ندما شديدا . و مؤخرا كنت أذهب عند العاهرات علما بأنهم يمصصن قضبان الرجال و بدون وعي كنت ألمس لساني بلسانهم فهل هذا لواط أيضا ؟
لقد ندمت على ما فعلت بحياتي ندما كبيرا . أتمنى من الله أن يميتني .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففعل اللواط كبيرة من الكبائر التي حرمها الله تعالى، وبين قبحها في القرآن، وذم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلها، وأجمعت الأمة على تحريمها كذلك، وقد سبق بيان ذلك مع عقوبة فاعله وكيفية التخلص منه في الفتاوى التالية: 1869، 24298، 3867، 22005.
وفضلاً عن حرمتها فهي أمر مناف للفطرة، معاكس للطبيعة، ولذلك قال تعالى منكراً على فاعلها: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء:166}.
ولكن من فضل الله ورحمته، أن جعل لكل ذنب يذنبه العبد باباً يتوب إلى الله منه، ولو عظم جرمه وكبر إثمه، وما ذلك إلا لسعة رحمة الله تعالى، ومزيد إحسانه، فسبحانه وتعالى على حلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، قال عز وجل: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً {النساء:110}. وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وقال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على أن من أذنب وجب عليه أن يتوب، وقد وعد الله تعالى بقبول توبة التائبين؛ فقال: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104}.
وللتوبة شروط لا تتم إلا بها راجعها في الفتاوى رقم: 5450، 26255، 5091.
وأما إدخال الإصبع في الدبر على سبيل التلذذ فهو حرام أيضا، لأنه وإن لم يكن من اللواط فهو من مقدماته، وهو لا شك ذريعة قوية إليه، بل قد نص العلماء على حرمة إدخال الإصبع في الدبر ولو بغير لذة، فقد جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه عند الحديث عن الاستنجاء: وليس عليه غسل ما بطن من المخرج (الدبر) بل يحرم لشبه ذلك باللواط. انتهى.
وذهابك إلى العاهرات في حد ذاته من المعاصي العظيمة، وكشف عورتك أمامهن وملامستك لهن سواء بالتقبيل أو غيره كل ذلك من كبائر الذنوب التي توجب التوبة إلى علام الغيوب، نسأل الله سبحانه أن يتوب عليك.
أما ما تفعله من تمن للموت فهو غير جائز خصوصا مع ما أنت عليه من تفريط وتقصير في حق مولاك، فليت شعري كيف ستلقى ربك بعد الموت بأعمالك هذه وأنت لم تحدث لها توبة؟! وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ولا يتمنى أحدكم الموت، إما محسن فلعله يزداد خيرا، و إما مسيء فلعله أن يستعتب. متفق عليه. جاء في فتح الباري لابن حجر: وقد خطر لي في معنى الحديث أن فيه إشارة إلى تغبيط المحسن بإحسانه وتحذير المسيء من إساءته، فكأنه يقول: من كان محسنا فليترك تمني الموت وليستمر على إحسانه والازدياد منه، ومن كان مسيئا فليترك تمني الموت وليقلع عن الإساءة لئلا يموت على إساءته فيكون على خطر. انتهى.
فاترك أيها السائل ما أنت فيه من اليأس والقنوط، واشتغل بالتوبة إلى مولاك والإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة فإن الحسنات يذهبن السيئات، ثم عليك بمقاطعة أصدقاء السوء الذين يعينونك على معاصي الله، ونحذرك من الإقامة في بلاد الكفر فإنها لا تجوز إلا بشروط سبق الحديث عنها في الفتاوى رقم: 20969، 108308 .
والله أعلم.