السؤال
ما هو تفسير: لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وردت هذه الكلمات ضمن الآية الكريمة: وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً {الإسراء:37}، وهي تنهى عن الخيلاء والتكبر وفيها تهكم بالمختال المتكبر، ومعناها أن الإنسان لا ينال بكبره وبطره شيئاً، كمن يريد خرق الأرض ومطاولة الجبال لا يحصل على شيء، وقيل: ذكر ذلك لأن من مشى مختالاً يمشي مرة على عقبيه ومرة على صدور قدميه، فقيل له: إنك لن تنقب الأرض إن مشيت على عقبيك، ولن تبلغ الجبال طولاً إن مشيت على صدور قدميك كذا قال البغوي في تفسيره وقال الشوكاني في تفسيره: ولا تمش في الأرض مرحاً.. المرح: قيل هو شدة الفرح، وقيل التكبر في المشي، وقيل تجاوز الإنسان قدره، وقيل الخيلاء في المشي، وقيل البطر والأشر وقيل النشاط. والظاهر أن المراد به هنا الخيلاء والفخر، قال الزجاج في تفسير الآية: لا تمش في الأرض مختالاً فخوراً، وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها تأكيداً وتقريراً، ولقد أحسن من قال:
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعاً فكم تحتها قوم هم منك أرفع
وإن كنت في عز وحرز ومنعة فكم مات من قوم هم منك أمنع
والمرح مصدر وقع حالاً: أي ذا مرح، وفي وضع المصدر موضع الصفة نوع تأكيد، وقرأ الجمهور مرحاً بفتح الراء على المصدر، وحكى يعقوب عن جماعة كسرها على أنه اسم فاعل، ثم علل سبحانه هذا النهي فقال: إنك لن تخرق الأرض يقال خرق الثوب: أي شقه، وخرق الأرض قطعها، والخرق الواسع من الأرض، والمعنى: أنك لن تخرق الأرض بمشيك عليها تكبراً، وفيه تهكم بالمختال المتكبر ولن تبلغ الجبال طولاً أي ولن تبلغ قدرتك إلى أن تطاول الجبال حتى يكون عظم جثتك حاملاً لك على الكبر والاختيال، فلا قوة لك حتى تخرق الأرض بالمشي عليها، ولا عظم في بدنك حتى تطاول الجبال، فما الحامل لك على ما أنت فيه؟ وطولاً مصدر في موضع الحال أو تمييز أو مفعول له، وقيل المراد بخرق الأرض نقبها لا قطعها بالمسافة، وقال الأزهري: خرقها قطعها. قال النحاس: وهذا أبين كأنه مأخوذ من الخرق، وهو الفتحة الواسعة، ويقال فلان أخرق من فلان: أي أكثر سفراً.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني