السؤال
أنا شاب من سكان فلسطين المحتلة لدي عمل في وظيفة حكومية وأتقاضى راتبا متواضعا عمري 22 سنة طلبت إلى والدي أن يزوجني فرفض الخوض في هذا الموضوع بسبب الأوضاع المادية ومعلوم لديكم كيف تسير الأمور في فلسطين اليوم فقر ومصاريف عالية في الزواج والأفراح وغيرها، أريد من سيدي المفتي أن يقول كلمة خير في هذا الموضوع كما أود أن يكون هناك تحفيز للأهل على تزويج شبابهم، هناك الكثير من الشباب يريدون أن يكون لهم أنيس وأن يتمموا دينهم كما أنه معلوم لديكم مغريات هذه الأيام حيث الاحتلال من جانب والشوارع والجامعات وهذه الأزياء الفاضحة والكاسيات العاريات من جانب آخر فإما أن يقع الشاب فريسة لأجهزة الأمن في دولة صهيون أو أن يقع في فاحشة الزنا والعياذ بالله كلاهما يدمر مستقبل الشباب ويحكم على الشاب في فلسطين بأن يكون في وضع الذل طوال الحياة لذلك نحن نطلب من الإخوة الشيوخ وإذاعة القرآن بنابلس خاصة ان يتكلموا بكل قوة في موضوع زواج الشباب والإسراع به وعدم وضع العراقيل المادية أو غيرها لأن الله يرزق من حيث لا نحتسب، والله أدرى بعباده، ولاشك أن هناك مئات الشباب تضيع يوميا من أبناء الشعب الفلسطيني المقهور سواء في قبضة العدو عملاء والعياذ بالله أو في فاحشة الزنا أو في الهجرة لبلاد الغرب حتى يكون في حل من الدين والعادات الشعبية لا أريد أن أطيل كل ما أريد أن أقوله انقذوا شباب فلسطين من الدمار واعملوا على توعية الأهالي بأن المال ليس كل شيء، أصدروا فتاوى لصالح تيسير الزواج والتخفيف من التكاليف والإسراع في تزويج الشباب وادفعو باتجاه عمل جمعيات لدعم هذا الموضوع كذلك لا بد من توعية الأهالي لخطورة أي موقف يكون فيه رفض أو إعاقة لارتباط شاب بفتاه لأسباب عشائرية أو تخص النسب والعنصرية القبلية أيضا وكل ما ينطبق على الشباب ينطبق على الفتيات فهن أيضا في زيادة والعنوسة تزداد في فلسطين والزواج من الأجنبيات قد انتشر نوعا ما في فلسطين وكذلك فيما يخص الأجواء والطقوس اعملوا على تخفيف التكاليف وجزاكم الله خيرا وأفتوني في موضوعي ولكم جزيل الشكر.
وصدقني سيدي المفتي أن موضوعا كهذا لا بد أن يأخذ حقه وأن يكون له برنامج خاص عبر الإذاعة، هناك دمار في قطاع الشباب هناك حملة أوروبية صهيونية ضد شبابنا هناك خطورة على هذة الفئة التي يشد بها الأزر وإن شاء الله أجد لصوتي مكانا عندكم ويفهم الأهالي ما عليهم وما لهم وأن يسرعوا في ستر أعراضهم التي تتمايل في الطرقات والجامعات خوفا على الشباب وخوفا من الفساد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لوالدك أن يمنعك من الزواج طالما كنت تقدر على تبعاته، خصوصا مع ما ذكرته من كونك تخشى على نفسك الفتنة والشهوات, لأن من كان هذا حاله فقد وجب عليه الزواج.
قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح.
فالذي ننصحك به هو أن تحاول إقناع والدك بأمر زواجك وأن توضح له الحكم الشرعي في ذلك, فإن لم يستجب لك فعليك بمن له منزلة ووجاهة عنده من أصدقائه أو من أهل العلم والخير ليقنعه بذلك, فإن لم يستجب مع كل ذلك فيمكنك أن تتزوج بدون إذنه لأن إذن الوالدين ليس من شروط صحة النكاح بالنسبة للشاب البالغ الرشيد, لكن إذا فعلت فعليك بعد ذلك أن تحاول استرضاءه بكل طريق لأنه لا يخفى عليك ما للوالد من حقوق حتى وإن تعدى على ولده بدون حق.
أما بالنسبة للتكاليف المادية التي يضعها بعض الناس عقبة أمام زواج بناتهم فإنه لا يخفى على عاقل ما في غلاء المهور من المفاسد والمضار التي منها انتشار العنوسة بين الجنسين، وإثقال كاهل المتزوجين بديون يرزحون تحت وطأتها لسنوات عديدة. وقد يتسبب ذلك في أن الزوج إذا لم توافقه الزوجة ولم يمكنه إمساكها فمن الصعب عليه أن يطلقها ويسرحها سراحاً بالمعروف لأنه يرى أنه قد خسر في زواجه منها خسارة كبيرة فيلجأ - إذا لم يتق الله تعالى- إلى مضارتها وتضييع بعض حقوقها ليلجئها إلى الافتداء منه بما يخفف عليه تلك الخسارة، لذلك كله كان من هدي الإسلام تخفيف مؤونة النكاح. قال صلى الله عليه وسلم: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني.
جاء في فيض القدير عند شرحه لهذا الحديث: وتيسير صداقها أي عدم التشديد في تكثيره ووجد أنه بيد الخاطب من غير كد في تحصيله. وتيسير رحمها: أي للولادة بأن تكون سريعة الحمل كثيرة النسل ، قاله عروة، قال: وأنا أقول: إن من أول شؤمها أن يكثر صداقها. انتهى.
فثبت أن هدي الإسلام هو التيسير في الزواج والتسهيل في المهور والأجور, ومن أراد معرفة ذلك فليقرأ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه. وهدي صحابته رضي الله عنهم في ذلك , فقد تزوجت امرأة بنعلين فأجاز النبي نكاحها، وقال للرجل: التمس ولو خاتما من حديد. فالتمس فلم يجد شيئا، فقال النبي: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم سورة كذا وكذا، فقال النبي: زوجتكما أو قال: ملكتكها بما معك من القرآن.
وقال أمير المؤمنين عمر: لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي. رواه الخمسة وصححه الترمذي.
هذه هي سنة الرسول الكريم وصحابته الكرام في أمور المهور، فمن أراد الفلاح والنجاح فليتبع سنتهم .
وللفائدة تراجع الفتويين: 3074، 77465.
والله أعلم.