السؤال
كنت مريضا بالزكام فانغلق أنفي انغلاقا كليا على الساعة 6 صباحا وبقيت أتنفس بفمي حتى الساعة 8 فشاح ريقي ولم أستطع حتى ابتلاع اللعاب لقلته وعندما أريد أن أبتلع ما نزل منه بعض لساني فإنه لا يريد أن يمر إلى حنجرتي فخفت أن أحزق والحازوقة عندنا شبه وراثية فشربت الماء، فما هو الحكم في هذا كفارة أم رد؟ وبارك لله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدينُ الله مبني على اليسر ورفع الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، ومن رحمة الله بعباده أنه رخص لهم في ترك بعض التكاليف إذا شقت عليهم، كما رخص للمريض في الصلاة قاعداً إذا عجز عن القيام، ومن هذا الباب ترخيصه تعالى للمريض في الفطر مع لزوم القضاء إذا كان مرضه مما يُرجى برؤه، قال تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184}، وليس من شرط المرض المبيح للفطر أن يكون صاحبه عاجزاً عن الصوم، بل يكفي أن يكون الصوم يشقُ عليه ويتضرر به، قال الموفق رحمه الله في المغني: أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والأصل فيه قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه. انتهى.
وقد قرر العلماء أن خوف حصول المرض كالمرض في إباحة الفطر، وهذا من تمام رحمة الله بعباده.. قال ابن قدامة: والصحيح الذي يخشى المرض بالصيام، كالمريض الذي يخاف زيادته في إباحة الفطر، لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفاً مما يتجدد بصيامه، من زيادة المرض وتطاوله، فالخوف من تجدد المرض في معناه. انتهى.
وأما المرض الخفيف الذي لا يشق معه الصوم كوجع الإصبع والدمل ونحو ذلك فغير مبيح للفطر عند الجماهير خلافاً لبعض السلف، وبهذا التفصيل المتقدم تعلم أنك إذا كنت شربت الماء لأجل دفع ضرر حاصل أو متوقع كما هو الظاهر فلا إثم عليك إنما يجب عليك القضاء، وأما إذا كان حصل منك تساهل بحيث كان يمكنك الصوم بلا مشقة، أو كان الضرر المتوقع يسيراً لا يشق معه الصوم فعليك التوبة والاستغفار من إثم الفطر بغير عذر، ويلزمك القضاء بلا كفارة في قول الجمهور، وعند مالك وأبي حنيفة تلزم الكفارة كذلك، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 5978.
والله أعلم.