السؤال
اشتريت مع زوجي منذ عدة سنوات أرضا ولم يتم تسجيل الأرض باسمينا لأسباب معينة وكنت دائما أطلب منه تسجيل الأرض وأن لا تبقى باسم صاحبها الأول فالدنيا حياة وموت وكان يعدني خيراً وكلما سألته قال لي إنه سيتصرف... وأعلم أن زوجي مستقيم لا يلف ولا يدور.. وفي السنوات الأخيرة ألححت عليه كثيراً وخاصة أن أسعار الأرض تضاعفت عدة مرات.. فما كان منه اليوم إلا أن قال لي إنه اضطر لبيع الأرض لأنها مشتركة ولها عدة أصحاب وأنهم أصروا على بيعها منذ أربع سنوات -وأنا لا أعلم-.. وأنه كان بحاجة للمال وكان ينوي أنه حالما حصل على نصف المبلغ الذي باع به... أن يعطيني إياه.. وأنه كان ينتظر ذلك ليخبرني.. ويعطيني نقودي فغضبت وقلت له هل تغاضيت عني وعن وجودي لهذا الحد وأنه كان يجب أن يشاورني... تأثرت كثيراً وغضبت لأسباب منها أنني أعتبرها خيانة لأمانة لم أسلمها له... وتصرف بملكي دون علمي... وباعها بثمن بخس يكاد يساوي ثمن الشراء... وأنا أمني نفسي بالربح الوفير لغلاء الأراضي هذه الأيام... وكذلك لم يعطني حقي في المال... يقول إنه كان ينتظر أن يحصل على مبلغ من عمله حتى يعطيني إياه... أنا لم أقل شيئا ولكني غضبت جداً وأخذت على خاطري ولا أرضى بالسعر الذي باع به وأنوي أن أقول له إنني أريد على الأقل نصف سعر الأرض التي تباع بها هذه الأيام وهو يساوي على الأقل ثلاثة أضعاف السعر الذي باع به، فهل لي الحق بذلك وهل يعتبر شرعا ما قام به خيانة للأمانة، وما هو حقي في هذه الحالة.. وهل يمكنني مقاطعته بسبب غضبي وتصرفه غير اللائق وتجاهلي تماما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمال الزوجة خاص بها لا يشاركها غيرها إلا أن تعطيه بطيب نفس؛ لقوله تعالى: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً {النساء:4}، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة، فجعلن يتصدقن بحليهن، ولم يسألهن النبي صلى الله عليه وسلم هل استأذنتن أزواجكن أم لا؟ فدل ذلك على الجواز عموماًً. وقد ورد تصرف النساء في أموالهن في عدة أحاديث أخرى. وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء أن للمرأة في مالها الخاص حق التصرف فيه.
إذا ثبت هذا وقمت أنت وزوجك بشراء الأرض على سبيل الشركة بينكما، فأنت وزوجك شريكان في هذه الأرض شركة ملك، ولا يجوز لأحد الشريكين التصرف في نصيب شريكه إلا بإذنه وكل واحد منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ليس لشريك الملك في نصيب شريكه شيء من التصرفات التعاقدية: كالبيع, والإجارة, والإعارة وغيرها, إلا أن يكون ذلك بإذن شريكه هذا. فإذا تعدى فآجر, مثلا, أو أعار العين المشتركة فتلفت في يد المستأجر أو المستعير, فلشريكه تضمينه حصته وهذا أيضا مما لا خلاف فيه. انتهى.
وجاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: لو باع أحد صاحبي الدار المشتركة حصته وحصة شريكه بدون إذنه لآخر فيكون البيع المذكور فضولا في حصة الشريك (البهجة) وللشريك المذكور إن شاء فسخ البيع في حصته وإن شاء أجاز البيع إذا وجدت شرائط الإجازة. انتهى.
فتصرف زوجك في نصيبك من الأرض حكمه حكم تصرف الفضولي -وهو من يبيع مال الغير من غير توكيل أو ولاية- وهو موقوف على الإجازة من المالك عند الحنفية والمالكية ورواية عن الحنابلة، وباطل عند الشافعية والحنابلة في الرواية الأخرى، فإن أمكن فسخ البيع في حصتك من الأرض فلك حق استرداد نصيبك وإن أجزت البيع كان من حقك ثمن نصيبك من الأرض، وإذا لم يمكن فسخ البيع فإن زوجك ضامن لقيمة نصيبك من الأرض، وحكم الضمان هنا حكم ضمان المغصوب، جاء في فتاوى ابن تيمية: وإذا تغير السعر وفقد المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب وهو أرجح الأقوال. انتهى.
وننبهك إلى أن مسائل النزاع لا يرفع الخلاف فيها ويقطع الخصام إلا قضاء القاضي الشرعي أو التحكيم الشرعي، وينبغي لك أن تتحري الحكمة في معالجة الأمر مع زوجك لئلا يقع الشقاق والنزاع فيحدث ما لا تحمد عقباه، بل ينبغي أن تتلطفي معه وتستعيني بأهل الخير والعقلاء من الناس، ونصيحتنا لك ولزوجك أن تحذرا أن تفتحا باباًً للشيطان بسبب المال، فتتحول حياتكما بعد السعادة إلى الشقاء، وبعد الاجتماع إلى الفرقة، واجعلا بينكما الود والرحمة لتدوم السعادة بينكما، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16108، 69969، 92951، 106474، 111344.
والله أعلم.