الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لخطبتها رجل ذو خلق ودين فلم ترتح له

السؤال

أنا فتاة مسلمة لا ترجو من هذه الدنيا شيئا سوى مرضاة الله، والنجاة يوم الحساب، عرضت علي إحدى الأخوات الزواج بصديق زوجها الذي يعيش بالخارج وما ذكرته لي هو أن زوجها أكد لها أن صديقه صاحب دين وخلق ولا نزكي على الله أحداً، ولكي يرى كل منا الآخر طلب منه أخي أن يأتي للمنزل ويراني بحضورعائلتي حتى لا نتعدى حدود الشرع، غير أنني حين الرؤية الشرعية لم أشعر بالقبول البتة، وقلت لنفسي أمستعدة أنت أن يكون هذا الشخص أحق الناس بك، فصعب علي ذلك وإلى الآن لم أرد لا بالقبول ولا بالرفض، ويغلب على ظني الرفض، ولكن كلما تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَالَ إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. رواه الترمذي (1085) وقال حسن غريب، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.. فأخاف أن أقع فيما حذر منه الرسول الكريم، مع العلم بأنني لم أقبل قط من ليس على دين وخلق بل كلما تقدم لي شخص كان أول ما أسأل عنه الدين والخلق فإن كان هذا الحديث يلزمني أن أقبل فأنا مستعدة لأن أرضى به زوجا وعسى أن يجعل الله لي فيه الخير الكثير, فأنا أخاف أن يكون الله عز وجل قد اختاره لي وبرفضي له أكون غير راضية بما اختاره الله لي، فأفيدوني بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يلزمك شرعاً القبول بهذا الرجل زوجاً ولو كان صاحب دين وخلق، وأما الأمر في هذا الحديث فليس للوجوب وإنما للندب المؤكد، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 75061.

ومع هذا كله فلا ينبغي لك المبادرة إلى رفض الزواج منه لمجرد نظرة عابرة وقعت منك نحوه، وإن كان هذا الشخص لم يعط من جمال الصورة وحسن المظهر ما يجعلك تقبلينه زوجاً فقد يكون فيه من الزينة المعنوية في أدبه وحسن خلقه ما يغنيك عن ذلك، وما أحسن قول من قال:

ليس الجمال بأثواب تزيننا * إن الجمال جمال العلم والأدب

وكذا قول من قال:

كن ابن من شئت واكتسب أدبا * يغنيك محموده عن النسب

إن الفتى من يقول ها أنا ذا * ليس الفتى من يقول كان أبي

فننصحك بالاستخارة في أمره، فإن كان في زواجه منك خير يسره الله لك بإذنه سبحانه، وإن خشيت أن لا يكون بينكما توافق وأن تتعرض الحياة الزوجية للصرام فأعرضت عن أمر الزواج منه فذلك لك ولا يلحقك منه إثم إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني