الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترتيب الحقوق في منظار الشرع

السؤال

أريد استفسارا منكم جزاكم الله خيرا وهو الآتي من الأفضل بالنسبة للمرأة أو المقرب أكثر أخوها أم زوجها علما أنني أرى إن كان الزوج قلت كيف ذلك والأخ الذي ربى أخته إن كان أكبر منها سنا وعاش معها الطفولة والصغر يؤخر ليقرب الزوج فأرى أن عقلي لا يقبل هذا فأنا مثلا قلت في تصنيفي للمحبين التالي:
1- الله رب العالمين
2- محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- وطني كل أرض الإسلام فحبة تراب من أرضي أفضل لي من كل شيء.
4- والداي الكريمان.
5- إخوتي وزوجتي وأولادي في نفس المنزلة.
6- أهلي وجيراني وأصدقائي في نفس المنزلة.
7- باقي الناس دون تمييز.
8- نفسي التي بين جنبي.
علما أن والداي يعلمان بهذا ولكن ما تربيت عليه هو التمسك بإخوتي ولو بعد الزواج وهذا ما حرص والدانا أن نتعلمه وحب الوطن قبل حب الأم والأب والزوجة والولد والجهاد في سبيل الله والذود عن الوطن.
فهل أنا مخطئ في طريقة تفكيري وما الصواب إن كنت مخطئا في ما ذكرت آنفا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمما لا شك فيه أنه يجب على المسلم أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما؛ كما ثبت بذلك نصوص القرآن والسنة.

قال تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ {التوبة:24}.

وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار. ولمزيد الفائدة راجع الفتويين: 71891، 5707.

وأعظم حق بعد حق الله تعالى حق الوالدين فقد قرن الله تعالى حقهما بحقه، وإن كان للمرأة زوج فإنه أملك لزوجته من أبويها فضلا عن أخيها، فحق زوجها عليها مقدم على حقهما.

وأما الأخ فإنه من القرابة فلا يقدم حقه على حق الوالدين بل يأتي بعد حقهما، ثم يأتي بعد ذلك حقوق بقية الخلق وحقوقهم متفاوتة بحسب درجاتهم، فليس المسلم كالكافر، وليس الجار كغيره.. وهكذا.

وكما ترى فإننا هنا إنما ذكرنا ترتيب الحقوق لأن هذا ما يكلف به المرء.

وأما المحبة القلبية فلا يملكها المرء فقد تحب المرأة مثلا أخاها أكثر من حبها لزوجها، ومع ذلك فإن حق زوجها عليها مقدم على حق أخيها.

وأما حب الوطن المسلم فلا شك أنه له أهميته وأنه يجب على المسلم الدفاع عن بلده المسلم ضد أعدائه، بل لا يجب استئذان الوالدين إذا تعين الجهاد، فقدم هنا حق البلد المسلم على حق الوالدين، ومع هذا لا يقال: إن حق الوطن مقدم على حق الوالدين هكذا بإطلاق. إذ أن الأصل استئذان الوالدين في الجهاد ما لم يتعين.

وأما حب النفس فأمر فطري وهو ليس مؤخرا هكذا بإطلاق، فإن المسلم مطالب في أمور الدنيا بإيثار غيره على نفسه وهو محمود في ذلك، قال الله تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ {الحشر: 9} وأما في أمور الآخرة فإنه مطالب بتقديم النفس على الغير. قال تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ {المطَّففين:26}.

وننبه إلى أن الأصل أن يعطي المسلم كل ذي حق حقه؛ ولكن إنما تكون فائدة هذا الترتيب إذا وقع التعارض ولم يكن بالإمكان التوفيق.

وننبه أيضا إلى أنه ينبغي للمسلم تجنب تكلف النظر والبحث في مثل هذه الأمور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني