الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأوفق في زماننا الزواج من فتاة مناسبة اجتماعيا

السؤال

هل إذا تزوجت من فتاة متدينة وأهلها محترمون مخالفا لما يريد أبي ألا أتزوجها من دون أن يراها هي أو أهلها ورفضه لهم من حيث المبدأ حيث إننا نقيم فى مدينة المنصورة وهم يقيمون فى القاهرة وأنها تكبرني بتسعة أشهر وأن والدها يعمل سواقا بإحدى الشركات الخاصة ووالدي يعمل مديراً وهذه هي أسباب رفضه لها، وهل إذا ما وافق على أني أتزوجها وهو من داخله غير راض عن هذه الزيجة ومع ذلك أقدمت عليها فهل أعد عاقا له إن رفضها للأسباب التي ذكرتها، وأنا غير مقتنع بأسبابه، وأقول له أن يسأل عليها مثلاً أو نتكلم معهم أو أي شيء من هذا القبيل وهو رافض لمبدأ أنها من مصر وتكبرني ووالدها يعمل سواقا، مع العلم بأن والدها راتبه يقدر بثلاثة أضعاف مرتب والدي فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت هذه الفتاة مؤمنة تقية صالحة حقاً، فحاول إقناع والدك بزواجك منها، وذكره بقوله صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم.

فطالما كانت الفتاة صالحة فلن يضرك بعد ذلك شيء فاتك من أمور الدنيا كالحسب والمال ونحوهما، ومسألة الفارق في العمر مسألة نسبية، ولا حرج في التفاوت في العمر، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وهي أسن منه ببضع عشرة سنة، وتزوج عائشة رضي الله عنها وهو أسن منها بكثير.

وأما بالنسبة للفوارق الاجتماعية بين أبيك وأبيها فالعبرة عند الله بالتقوى والعمل الصالح، فلا تفاضل بين غني وفقير ولا بين حر وعبد ولا أبيض وأسود إلا بهما، قال سبحانه: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}، وإن كنا ننصحك -في هذه الأزمان- بالبحث عن فتاة تناسبكم اجتماعياً، وليس من باب الطبقية ولا من التعالي والاستكبار، وإنما هو تنظيم لحماية الأسرة من عدم الرضا بين أفرادها، ومن ضعف التلاحم بين أعضائها، فلا نريد لك أن ترى أباك يعامل والد زوجتك معاملة فيها التعالي والتجاهل لأن هذا سيؤدي إلى استيائك ولا شك، فإذا لم يوافق والدك على زواجك منها فننصحك بعدم مخالفته والحرص على رضاه، لأنه بلا شك يريد مصلحتك، ورأيه ناشئ عن تجربة وخبرة في الحياة، ولأنك لو تزوجت بغير رضاه فاتك رضاه، وربما لم توفق في زواجك أيضاً، وإن تركت هذا الزواج طاعة له، فأحرى أن يعوضك الله خيراً مما تركت.

أما إذا كان قلبك قد تعلق بهذه الفتاة وخفت إن تركت الزواج منها أن تقع في محظور، أو أن يلحقك ضرر في دينك ودنياك فيمكنك الزواج بها دون إذن والدك، ولكن احرص بعد ذلك على استرضائه بكل سبيل، قال ابن قدامة في المغني في حق الفتاة التي يمنعها وليها من الزواج بمن تريد: فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها. انتهى.

فإذا كان الولي لا يحق له منع المرأة من الزواج بمن تريد من الرجال، ووجوده شرط في صحة النكاح فمن باب أولى لا يحق للأب منع ابنه من الزواج بمن يريد لأن الرجل البالغ الرشيد لا ولاية لأحد عليه في النكاح.

وأخيراً ننصح السائل الكريم بالاستشارة والاستخارة وتفهم حال الوالدين، والنظر إلى هذه المسألة برؤية شاملة وفقك الله لما فيه صلاحك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 6563، والفتوى رقم: 29382.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني