الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوج ممن لا يرغب بها على سبيل الإحراج فهل يطلقها

السؤال

صديق لي متزوج منذ 6سنوات تقريبا, وقبل الزواج صلى صلاة الاستخارة ولم يسترح لها ولكنه تزوجها بحجة: كيف أدخل البيت وأرى الفتاة التي دلته عليها أخته ولا يكمل معهم, وحتى الآن لم ينجب منها رغم سعيه للزواج بأخرى والإبقاء على الأولى إلا أنه لم يحصل على الموافقة بحضور الأولى، فهل يطلقها أم يصبر عليها حتى يحصل توافق بوجود الأولى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأ صديقك حينما تزوج بامرأة لا يستريح إليها، والحجة التي ذكرها حجة واهية لأن الحياة الأسرية مبنية على الاستقرار والتفاهم، والمرأة التي سيتزوجها سوف تكون شريكة حياته، وسيعيش معها تحت سقف واحد، وستكون أما ومربية لأولاده، وهذا يتطلب منه حسن الاختيار، فالأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، وما جعلت فترة الخطبة إلا للتروي والنظر، قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ {النساء:3}.

قال السعدي رحمه الله عند تفسير هذه الآية: وفي هذه الآية - أنه ينبغي للإنسان أن يختار قبل النكاح، بل وقد أباح له الشارع النظر إلى مَنْ يريد تزوجها ليكون على بصيرة من أمره.

ولكن أما وقد كان ما كان فإنه وإن جاز له أن يطلقها إلا أننا نوصيه بالصبر عليها، لعل الله سبحانه يوفق بينهما ويلقي الألفة لها في قلبه، قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية وعنها رغبة ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها فربما كان ذلك خيرا له. انتهى

وقال ابن الجوزي في هذه الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محمودا ومحمود عاد مذموما، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه مكروه فليصبر على ما يكره لما يحب. انتهى.

وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه، وسلم قال: لا يَفْرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.

وأما ما ذكرته من أنه يريد الزواج بامرأة أخرى فنقول: لا مانع من الزواج بأخرى مع إمساك الأولى، فالله عز وجل يقول: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: من الآية3} ولكن – كما ذكرت الآية الكريمة – يجب العدل بينهما وعدم ظلم واحدة منهما، وإلا فقد جاء وعيد شديد في الذي لا يعدل بين زوجاته.

واعلم أن العدل الطلوب هو العدل في المبيت والطعام والشراب وسائر وجوه النفقة، وأما في الحب والمشاعر فلا يشترط العدل في ذلك لأن هذا مما لا يملكه الإنسان وإنما هو بيد الله سبحانه، ولا يشترط رضا الأولى للزواج بالثانية إلا أن تكون قد اشترطت في العقد ألا يتزوج عليها. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 94937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني