السؤال
أثابك الله عني وعن جميع المسلمين ،، أرجو شيخي الكريم أن تفتوني وتعطوني رأيكم الكريم ...
المشكلة التي أواجهها مع زوجي، أنا أعمل في شركة محترمة وراتبي مقبول، ولكن زوجي يريد مني أن أعمل في مكان آخر كراتب أفضل و ساعات دوام أقل وأيضا محترم وأنا غير معترضة ولكن زوجي يبحث لي للعمل في احد البنوك بقوله إنها الأنسب وموافقة لتخصصي، وأنا رافضة لهذا العمل تماما لحرمة العمل فيها وهو مصر كل الإصرار على العمل فيها معللاً أن كل أمور الحياة تعتمد على البنوك حتى راتبي في شركتي ينزل في البنك فلماذا أعقد الأمور كما يقول ، وإنه الآن البنوك تدخل في كل مجالات الحياة فإذن معظم مجالات الحياة يدخل فيها الحرام !! والمعظم يتعامل مع البنوك، ولكنني مازلت معترضة إلى أن تحدثنا آخر مرة وغضب لرفضي بأنني لا أريد أن أعينه وأقف بجانبه، وأنه غير راض عن عملي الآن، وأنا إذا بقيت رافضة سيكون غير راض عني ؟؟ فماذا أفعل يا شيخي الكريم فأنا أقول له لا طاعة لمخلوق في معصية الله، إضافة إلى أن العمل في البنوك متعب جدا ولكن يهدأ فترة ثم يعود إلى نفس الموضوع، ويقول أنا لا أحب أن أضغط عليك (ولكن نوع من المجاملة ) ويحرجني بإجراء المقابلة في الأماكن التي تتوفر فيها فرصة عمل ؟ فما الحل ماذا أفعل معه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن النفقة على البيت والأولاد والزوجة من طعام وشراب ومسكن إنما تجب على الزوج وحده، ولا تطالب الزوجة بذلك حتى ولو كانت غنية, قال سبحانه: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233 }، وثبت في السنة أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني وولدي إلا ما أخذت منه – وهو لا يعلم – فقال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وعلى ذلك انعقد إجماع المسلمين من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا.
وأما إن أرادت المرأة أن تعمل لتساعد زوجها في الإنفاق فلا حرج عليها إن هي التزمت الضوابط الشرعية في ذلك، ومن هذه الضوابط: أن يكون العمل مباحا، وأن يكون برضا الزوج، وأن تخرج من بيتها ملتزمة بالحجاب الشرعي، وألا تختلط في عملها بالرجال الأجانب، وألا يؤدي العمل إلى تضييع الأولاد وإهمال تربيتهم، فإذا توفرت هذه الشروط فلا حرج في العمل إن شاء الله.
وأما ما يطلبه منك زوجك من العمل في بنك ربوي فهذا غير جائز، فلا يجوز له أن يأمرك بهذا العمل ابتداء لأنه معصية ومخالفة صريحة لأوامر الله بل كبيرة من الكبائر، ولا يجوز لك أن تطيعيه في ذلك أبدا، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكيف تطيعينه وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء رواه مسلم.
والعمل في هذه البنوك الربوية –حتى ولو كان في مجال الحراسة - يعتبر من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهانا الله عن ذلك، قال سبحانه: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ {المائدة:2}. ونحن مأمورون بإنكار المنكر، وعملك في هذه المؤسسة يناقض إنكارك لهذا المنكر، لأن دخولك في هذه المؤسسة يستلزم العمل لمصلحتها، ومن أنكر شيئاً لا يمكن أن يعمل لمصلحته، فإذا عمل لمصلحته كان راضياً به، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه.
وأما اتهام زوجك لك بتعقيد الأمور لأن (البنوك تدخل في كل مجالات الحياة) – على حد قوله – فنقول: هذا عذر مذموم، وتأويل موهوم، لأننا لو سلمنا له ذلك وافترضنا صحة قوله، فهل نسوي بين أمر عمت به البلوى ودخل على الناس كرها في معايشهم وأرزاقهم شاءوا أم أبوا، وبين أن تذهبي أنت طائعة مختارة بلا عذر ولا إكراه للعمل في بنك ربوي، هل يقول عاقل إن هاتين الصورتين متساويتان؟.
فعليك أن تطيعي أمر الله ولا تطيعي زوجك في هذا، ولكن تلطفي في رده ولا تعنفيه ولا تغلظي له القول فحقه عليك كبير, رزقك الله الثبات على أوامره ومرضاته.
للفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17223، 1009، 4862، 1820.
والله أعلم.