الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج المرأة من غير الصالح تضييع لمصالحها الدنيوية والأخروية

السؤال

أنا مخطوبة وأحب خطيبي ولكنه بعيد عن الله فهو لا يصلي ويضيع وقته فيما لا ينفع مع أصدقاء السوء، أنا لا أعرف كيف أبعده عن ذلك وكنت ملتزمه معه، ولكني بدأت أتنازل عن بعض الأشياء من أجله تغضب الله، ولكني كنت أتألم لفعلها مثل لمس يدي وحدث بيننا مشاكل كثيرة بسبب ذلك الموضوع ولكني كنت دائما أتنازل وزادت الخلافات بيننا علي أسباب تافهة أدت إلي الخصام النهائي، ولكنه مازال متمسكا بخطبتي أنا أعرف جيدا أن تلك الخلافات غضب من الله علينا، أنا لا أعرف كيف أتصرف هل أتركه وأنا أحبه كثيراً وأظل أفكر فيه وأنا أخشى أن لا أنساه إذا ارتبطت بشخص آخر أم أظل معه، ولكن أصون نفسي من أقل الأشياء المحرمة وأحاول جاهدة معه التقرب من الله، كنت أحب أن أوضح شيئا هو أنه شخص يمتلك كثيرا من الصفات الحميدة والدليل على ذلك أنه احترمني وتقدم لخطبتي في ظل ظروف صعبه ممكن أن تكون حججا لشباب كثيرين غيره وأهله طيبون ملتزمون ويحبونني كثيراً، ولكنه حاله مثل حال الشباب اليوم يفتقد القدوة في ظل مغريات كثيرة تشده مثل النت القهوة وغيرهم، وأنا لست ملتزمة بالقدر الكافي أحاول طاعة الله وأقع في الخطأ فأحاول المواظبة علي الصلاة لكنني أحيانا أهملها أذهب لحفظ القرأن وأحيانا أتكاسل، أريد النصيحة منكم في الاختيار بين الأمرين؟ والله يوفقكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أولاً: أن الخطبة مجرد وعد بالزواج، لا تحل شيئاً للخاطب سوى النظر إلى المخطوبة بقدر ما يدعوه إلى خطبتها، فإن خطبها فهي كغيرها من الأجنبيات، فعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني

وما سوى ذلك فإن حكم المخطوبة بالنسبة للخاطب -ما دام لم يعقد عليها- لا يختلف عن حكم أي فتاة أجنبية عنه، فلا يحل له الخلوة بها ولا لمس بدنها، بل ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي، وإنما ينبغي أن يتقيد ذلك بقيود الكلام مع الأجنبية فلا يكون إلا للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة من الخلاعة والليونة وإزالة الكلفة.

وبهذا تعلم السائلة أن ما حدث بينها وبين هذا الخاطب أمر مخالف للشرع ومناف لأخلاق المؤمنات، وإنما هو مما ابتليت به بعض أسر المسلمين من التهاون والتسيب في التعامل مع الخاطب، فينبغي عليها أن تتوب إلى الله بصدق فتندم على ما فرطت فيه وتعزم على عدم العود لذلك أبداً.

ثانياً: ينبغي لولي المرأة أن يختار لها زوجاً صالحاً يرضى دينه وخلقه، ليكون مأموناً عليها، حيث إن الزوج هو الذي بيده القوامة، لقول الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}.. فالرجل هو الذي يقوم برعاية زوجته وحفظ مصالحها الدنيوية والأخروية، فإذا لم يكن الزوج صالحاً فإن زواج المرأة منه تضييع لمصالحها الدنيوية والأخروية، وقد ذكرت أن هذا الخاطب لا يصلي وهذا أمر في غاية الخطورة، فعن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.

وبهذا استدل بعض العلماء إلى أن تارك الصلاة كافر، ومن المعلوم أنه لا يجوز تزويج مسلمة لكافر، ومن يضيع حق ربه عليه فهو أحرى أن يضيع حق غيره، فلا تترددي في الابتعاد عنه إن كنت صادقة في طلب مرضاة الله عز وجل والنجاة في الدنيا والآخرة، ولا تخافي من تعلق قلبك به فإن الله سيصرف ذلك عنك ما دمت تقصدين وجه الله وتخالفين هواك طاعة لله..

وأما قولك: إنك لست ملتزمة بالقدر الكافي، فهذا يحتاج منك إلى وقفه مع النفس، بالمجاهدة والصبر ومخالفة الهوى، والاستعانة بالله والإلحاح في الدعاء، وتذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، والتفكر في نعم الله، والبعد عن مجالس الغفلة ومجتمعات المعاصي، والحرص على مصاحبة الصالحات، وحضور مجالس العلم والذكر، وغير ذلك مما يصلح القلب ويقرب من الله... نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني