الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ ماله ظلما فهل له أن يأخذ من مال غيره سرا

السؤال

أنا مهندس كنت أعمل بمجال المقاولات وقد قام الرجل الذي أعمل له مشروعا بأكل مالي الذي يبلغ170000 مئة وسبعون ألفا وقد قام شريكي بالادعاء علي بالتزوير وهو سعودي أيضا وقام بسجني حتى يحصل على نقوده كاملة بدون خسارة وضاقت علي الحال وبعت بيتي وتدهورت أحوالي كثيرا مما تسبب لي بالمرض وأصبحت حياتي جحيما مع أطفالي وأنا مهدد بالسجن مرة أخرى اذا لم أقم بتسديد المبالغ التي علي فقمت بأخذ نقود من عملي الجديد وتسديد الديون وسد رمقي والخروج من هذه الحالة وأرجو أن تكون هذه الأموال التي أخذتها دون حق من صاحب عملي زكاة له علي وأن تكون في ميزان حسناته وأحيانا أفكر أن يحاسبني الله عليها وأن يحاسب الذي أكل حقي فتكون هذه بتلك راجيا الله أن يخرجني من أزماتي كلها علما أن ضميري يعذبني لأنني لم أتعود على هذه الاعمال لكنني مضطر لذلك أرجو إفادتي هل يمكنني أن أحتسب عند الله هذه بتلك ويفني أجري على أكل حقي وصبري يفني أكلي لمال صاحب العمل أو ماهي رؤيتكم أدامكم الله أفيدوني ولكم خير الجزاء إن شاء الله علما اني ممن يصلون جميع الصلوات بالمسجد وخاصة الفجر وهناك حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام بأن من داوم على صلاة الفجر أربعين ليلة حصل من الله على برائتين براءة من النار وبراءة من النفاق وأشهد الله أن قلبي معلق بالمساجد فهل يظلني الله في ظله يوم القيامة رغم ما فعلت والحمد لله أني أطبق جميع السنن والأذكار وكل ما أمر الله به أفيدوني بسرعة ولكم خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على أداء الصلوات في جماعة ولا سيما صلاة الفجر ، وزادك الله حرصا على الخير.

واعلم أن من أعظم الظلم والاعتداء أكل أموال الناس بالباطل ، فإن كنت قد أخذت هذا المال مما أسميته بعملك الجديد بغير وجه حق فهذا أمر لا يجوز ، وما حدث لك من ضيق لا يسوغ لك الاعتداء على حق الغير ، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى ، ومن تمام توبتك أن ترد هذا المال لصاحبه ولو من طريق غير مباشر كما بينا بالفتوى رقم: 29667.

وأما الحديث الأول الذي أشرت إليه في سؤالك فقد رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق" ، وهو كما ترى متعلق بإدراك الصلوات كلها لا بإدراك صلاة الفجر فقط. ثم إن هذا العمل الصالح لم يكن سببا للبراءة من النار والبراءة من النفاق إلا لكونه يمنع صاحبه من عمل أهل النار وعمل أهل النفاق قال المباركفوري في كتابه تحفة الأحوذي عند شرحه هذا الحديث : قال الطيبي أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق ويوفقه لعمل أهل الإخلاص وفي الآخرة يؤمنه مما يعذب به المنافق ويشهد له بأنه غير منافق يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وحال هذا بخلافهم كذا في المرقاة .اهـ.

وأما كون هذا التصرف يمنعك من الدخول فيمن يظلهم الله في ظله فليس هذا بلازم ، فإن رحمة الله واسعة ، ولكن يجب عليك التوبة النصوح على الوجه الذي ذكرناه سابقا.

بقي أن ننبه على أمر وهو إن ثبت أن لديك مالا أخذ منك ظلما، وكان بإمكانك استرداد هذا المال من طريق مباشر كرفع الأمر إلى المحكمة فافعل ، وإن لم يمكنك ذلك وظفرت بشيء من مال هذا الظالم فلا حرج عليك في أن تأخذ منه القدر الذي أخذه منك ظلما ، وهو ما يسمى عند الفقهاء بالظفر بالحق. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم 28871.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني