الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاوف من الموت والمرض، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم.

الشكر الجزيل لكم على جواب الاستشارة السارة لي، ولكن ما زلت شديد القلق، فبمجرد سماع أي خبر عن أي مرض خطير أبدأ بالقلق الحاد من أن هذا المرض فيّ أو سيصيبني، فمثلاً سمعت أن شاباً عمره 19 عاماً أصيب بالجلطة، فبدأت بالقلق الحاد على صحتي، وبدأت أخشى من أعراض الجلطة، وبدأ صدري (ينغزني)، وبدت علي الحرارة والاضطراب والخوف من الموت بالجلطة والذبحة الصدرية، ولا أدري ماذا أفعل؟

اتبعت إرشاداتك بتناول الزولفت 100 ملغ يومياً وخففت من الزولام، وعندما استشرت الدكتور من جديد وقلت له أن الدكتور في موقع الاستشارات أكد ما وصفته لي من الاكتئاب الخفيف والقلق الحاد "الهلع" ولكن قال لي الدكتور: إني تأكدت الآن ما دام الدكتور قد رفع لك الجرعة إلى 100 بدلاً من 50 ملغ بأنك تقريباً مصاب بالوسواس القهري نوعاً ما، ووصف لي الزولوسير 100 ملغ مرة واحدة في اليوم والداميتال 50 ثلاث مرات في اليوم والزولام عند الضرورة ومنذ شهرين تقريباً وأنا أتابع على الدواء، ولكن ما زال القلق يسيطر علي ودائم التفكير السلبي والخوف من مرض الإيدز والجلطة القلبية أو الدماغية، وأشعر وكأنني دائم الاضطراب والخوف، ودائم التفكير بشخصيتي ووجودي وحركاتي.

انصحوني بدواء فعال وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على متابعتك لما تقدمه الشبكة الإسلامية وعلى تواصلك معها، فلا شك أن الأدوية تعالج بعض أعراض القلق والخوف والهرع وكذلك الوساوس القهرية، ولكنها لا تعالج كل شيء، ولا بد للدواء أن يُدعم بالعلاج السلوكي الذي يتخوف منه البعض ويعتبرها أنها أمر مبهم وطلاسم لا يمكن أن يحلها ولا يفكها إلا المختصون.

حقيقة العلاج السلوكي يمكن لأي إنسان أن يمارسه إذا كان جاداً في ذلك، فهو متاح لجميع الناس وتطبيقاته يمكن أن يقوم به الإنسان وحده وبنفسه، ولكن ضرورة الالتزام وضرورة الاقتناع وضرورة الصبر هي الدوافع والمتطلبات الرئيسية لينجح هذا العلاج بجانب العلاج الدوائي.

ويقوم العلاج السلوكي على فكرة تحقير الفكرة، تحقير فكرة أنك مصاب بمرض، وتقوية مفهوم التوكل على الله، وهذا يتدعم لدى الإنسان حين يكون حريصاً على الأدعية التي فيها طمأنينة وفيها هدوء وتبعث على السكينة.

إذن العلاج السلوكي الأول هو العلاج الرئيسي وهو أن تحقر الفكرة وأن تكون أكثر توكلاً.

ثانياً: اخضع هذه الفكرة أيضاً للمنطق، وسوف تجد أنها فكرة فعلاً يجب أن تحقر، نعم المرض موجود ولا شك في ذلك، ولكن أنا الحمد لله الآن بخير فلماذا أخاف، فأسأل الله أن يحفظني وأسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، وأسأله أن يحفظني من بين يدي وعن يميني وعن يساري ومن خلفي ومن فوقي وأعوذ بعظمته أن أغتال من تحتي.

إذن الاستيعاب التام وتفهم الإنسان لنفسه وطبيعة الأمراض وعلاقة الإنسان بالأمراض وعلاقته بالبيئة تعتبر علاجاً سلوكياً ضرورياً، فعليك إذن أن تحقر الفكرة وكن أكثر توكلاً وكن أكثر قوة وعزيمة في مواجهة هذه الأفكار، ونصيحتي لك أن تزور المرضى في المستشفيات، عرض نفسك لذلك، زر الناس في المستشفيات وادع لهم بالشفاء والعافية، وهذا يعطيك الكثير بالثقة في نفسك، ربما تتصور أن ذلك يؤدي إلى مزيد من الوساوس والمخاوف، ربما يحدث ذلك في الأول، ولكن حين تواجه هذه المواجهة، حين تذهب وترى الناس في المستشفيات وتدعو لهم بالعافية والشفاء فسوف يعطيك الثقة في نفسك وسوف تقارن وتعرف النعمة التي أنت فيها.

هذه هي مبادئ العلاج السلوكي وليس أكثر من ذلك.

ثانياً: أن تكون فاعلاً ومستثمراً لوقتك، فالإنسان حين يؤدي عملاً جسدياً وفكرياً يحس أن طاقاته موجودة، ووجود الطاقات هو ضد المرض، وعليك أن تسعى دائماً للاسترخاء، والاسترخاء ضد التوتر والقلق، وتشعر بقيمتك حقّاً إذا أردت وقتك وزمنك بصورة صحيحة، وممارسة الرياضة يجب أن تكون في جدول أسبقياتك، والرياضة اتضح الآن أنها تمتص كل طاقات القلق والخوف وكذلك الاكتئاب، وتؤدي إلى إفراز مواد داخلية تعرف باسم (الأندرفين Endorphin) التي وجد أنها مريحة للنفس وتؤدي إلى الاسترخاء والشعور الداخلي بالابتهاج للدرجة التي اعتبرها البعض تماماً لفعالية مادة المورفين (المورفين Morphine) أو (الأفيونات الداخلية Endogenous opiates) التي يفرزها المخ تلقائياً، ويعرف أن المورفين مادة قوية جدّاً في تسكين الألم وإراحة الإنسان من متاعبه الجسدية والنفسية، ولكن هذه المورفينات الداخلية ليست إدمانية وهذا أمر يدعمه تماماً، فعليك بممارسة الرياضة لأجل ذلك.

سيكون من المستحسن تماماً إذا ذهبت إلى معالج نفسي -وليس لأخصائي نفسي- ليقوم بعمل جلسات نفسية منتظمة لك، من خلالها تستطيع أن تعبر عن مشاعرك، والتعبير عن المشاعر والتفريغ النفسي الصحيح المنضبط تحت الإشراف العلاجي من جانب المختص يعتبر في حد ذاته هو علاجاً نفسياً فاعلاً، وأنا أعرف أن في سوريا -الحمد لله- يوجد الكثير من المعالجين الجيدين.

إذن تواصلك مع المعالج النفسي بمعدل جلسة واحدة في الأسبوع سيكون أيضاً أمراً محبذاً، وبالنسبة للأدوية فأنا أقرها تماماً، وعليك أن تنتظم عليها، وفترة الشهرين لا تعتبرها فترة طويلة، فكثير من الأدوية تتطلب وقتاً أكثر ليحصل الإنسان على فائدتها القصوى.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

ويمكنك الاستفادة من هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للخوف من الموت: (261797 - 263659 - 263760 - 272262 - 269199).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً