الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يحبني ويخاف الله في..هل أستمر في التحدث معه؟

السؤال

هل حرام أن أتحدث مع الشخص الذي أخذ موافقة أهلي للخطبة بعد فترة معينة؟

هو شاب يخاف الله ويصلي ويصوم و يذكر الله دائماً، وهو حالياً يريد أن يكمل دراسته وعند الانتهاء سيسافر للعمل، فهل حرام أن أتكلم معه يومياً ضمن الكلام المسموح، دون التطرق لشيء مما هو محرم؟

هو يحبني ويخاف الله فيّ، وأنا أحبه، ولكن هل عليّ أن أبتعد عنه، رغم أنه ابن حلال، ويريد أن يخطب ويتزوج ولكن إمكانيته لا تسمح له الآن؟ فهل نأخذ بالأسباب، وأستمر بالتحدث معه بشكل لائق، أم علي أن أتوقف عن مراسلته حتى يأتي ويخطبني؟

أهله يعرفونني ويريدون أن يخطبوني له، ولكنهم قالوا له: أكمل دراستك وسنخطبها (هذه آخر سنة جامعية له). والله إني أسعى لرضا الله، وأحياناً أخاف أن تكون مراسلته لا ترضي الله، رغم أننا لا نتكلم بما حرمه الله، وإنما الحديث مجرد ضحك وكلام واقعي عن الحياة والدراسة، وعن مستقبلنا وعن الدين، فهل كلامنا يعتبر حراماً رغم أنّ عائلاتنا تعلم؟ وأريد أن أضيف شيئًا: إننا لا نرى بعضنا في الواقع، وإن قدر الله والتقينا سيكون دون ملامسات، فقط مجرد لقاء للتحدث والتعارف أكثر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك تواصلك معنا.

ثانيًا: نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير، ويُعفّك بالحلال، ويُيسّر لك الزواج بمن تحبّين، ويرزقك الذرية الطيبة.

ثالثًا: نشكر لك -ابنتنا العزيزة- حرصك على الوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى والعمل برضاه، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

واعلمي -أيتها البنت الكريمة- أن الله سبحانه وتعالى رحيمٌ بنا، يُشرّع لنا من الأحكام ما يُحقق مصالحنا، ويدفع عنَّا المفاسد والمكاره، فشريعته سبحانه وتعالى كلُّها جاءت لتحقيق المصالح ودفع المفاسد، وهو سبحانه وتعالى حكيمٌ عليم، يعلم حقيقة النفس البشرية ونقاط الضعف فيها، ومن ثمَّ كانت شريعته شريعة العليم الخبير، كما قال سبحانه وتعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.

وضعف النفس البشرية أمام الشهوات أمرٌ معلوم ومعهود، ولهذا السبب كان التحذير من كل ما يُؤدّي بهذا الإنسان إلى الزلل أو الخطأ، كان التحذير من ذلك مبدأً شرعيًّا، فالله تعالى يُحرّم الوسائل التي تُؤدّي إلى النتائج المحرّمة، ويسدّ الأبواب التي تؤدي إلى الفتن والمعاصي، ومن هذا ما جاءت به شريعة الله تعالى من أحكام التواصل بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، فقد شرع الله تعالى لنا جملة من الآداب الشرعية، والغرض منها أو المقصد منها حفظ الإنسان - رجلاً كان أو امرأة - من أن يجرّه الشيطان إلى الوقوع في الفتنة والمعصية، وأعظم الفتن التي يُخاف منها على الإنسان فتنة الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما تركتُ بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء).

وحتى لا نقع في هذه الفتنة شرع الله تعالى لنا جُملة من الآداب، أوّلُ هذه الآداب أن الله سبحانه وتعالى منع المرأة أن تتكلم مع الرجل بكلام فيه خضوع ولين، فقال سبحانه وتعالى موجِّهًا الخطاب لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- مع طهارتهنَّ ومكانتهنَّ العالية، فهنَّ أمَّهات المؤمنين، ومع هذا قال الله تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، فلا يجوز للمرأة أن تتحدث مع رجل أجنبي بكلام فيه خضوع ولين قد يكون سببًا لإثارة الشهوات.

ومن هذه الأحكام: عدم جواز طرح الحجاب ووضع الحجاب أمام الرجل الأجنبي، وعدم إظهار الزينة له.
ومن هذه الأحكام: عدم الخلوة به وتحريم ذلك، فقال: (لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة إلَّا كان ثالثهما الشيطان).
ومن هذه الأحكام: عدم الملامسة، فلا يجوز للرجل أن يمسّ امرأة أجنبية عنه، ولا يجوز لها أن تمسّه وتمكّنه من المسّ.

فكلُّ هذه الأحكام - ابنتنا العزيزة - المقصود منها حفظك سالمة آمنة على نفسك وعلى عرضك، فقد يُزيّن الشيطان للإنسان الخطوات الأولى وتكون تحت غطاء أنها حلال مباح، ولكنّه يجرُّه من مرحلة إلى ما بعدها، ومن خطوة إلى ما بعدها، ولهذا حذّرنا الله تعالى من اتباع خطواته فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

وفي ضوء كل هذا الكلام الذي قلناه - أيتها البنت الكريمة - لا ننصحك أبدًا بأن تتواصلي مع هذا الشاب، أو أن تتكلمي معه، وأن تحذري من فتح هذا الباب على نفسك، وإذا أراد أن ينتقل معك إلى هذا النوع من الكلام وغيره فينبغي له أن يصبر حتى يخطبك من أهلك ويتمّ العقد، ثم بعد ذلك تُصبحين في حكم الزوجة له، لك أن تتكلمي معه كيف شئت، وأن تتراسلي معه كيف شئت، أمَّا قبل ذلك فإن الحذر هو الذي يتعيّن عليك، وهو الذي ننصحك به، فقد يجرّك الشيطان خطوة خطوة ثم تندمين حيث لا ينفع الندم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً