الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتزوج فتاة تعرفت عليها من مواقع التواصل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب جامعي، أحب فتاة تعرفت عليها عن طريق مواقع التواصل، وهي تحبني أيضا، وقد اعترفت لي أنها كانت تحب ابن عمها سابقا وانتهت علاقتهما.

أحيانا لا أكون مرتاحا بسبب هذا الأمر، وأفكر ربما في المستقبل تزورهم وترى ابن عمها وأشك فيها وهكذا، علما أنها تطلب مني أن أتقدم لها، لأنها رفضت كل الخطاب من أجلي، وأنا لا أستطيع الزواج ماديا، لذلك أنا محتار وأفكر كثيرا، ويصعب علي الانفصال عنها، لأني أحبها، لكن علاقتها السابقة تخيفني.

أتمنى أن تنصحوني، هل أستمر في العلاقة أم أتوقف؟ لأني تعبت كثيرا، وأحيانا أفكر هل أخطأت أني أحببت فتاة من مواقع التواصل؟ وكيف أتزوجها؟ ربما يأتي يوم أفقد الثقة فيها وأشك فيها، فهل أتقدم لها على الرغم أني لا أملك مالا؟

علما أنها اتفقت معي أن أقسط مهرها بعد التخرج من الدراسة، وهذه الفكرة سهلت علي مسألة الزواج، لكني أخشى أن أظلمها في المستقبل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
لا يصلح التعرف على النساء عبر برامج التواصل الاجتماعي، لأن ذلك فيه إعانة لهن على الانحراف وفيه غش لأسرهن الذين يثقون فيهن هذا أمر، الأمر الآخر التعرف عليهن بهذه الطريقة لا يعطيك حقيقتها ولا المواصفات التي تحملها، بل هي مؤشر سلبي بسبب تساهل تلك النسوة وعرض أنفسهن للشباب، وهذا بالطبع لا يرضاه عاقل لأهله.

التعرف على شريكة الحياة يجب أن يكون عن قرب، بحيث تسأل عن الأسرة وعن أخلاق هذه البنت وتنظر إليها النظرة الشرعية قبل الخطوبة.

لا بد أن يتوفر في شريكة حياتك الصفات التي أرشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ)، ومعنى تربت يداك: التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها، ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.

إن كنت جاهزا للزواج وعندك الاستطاعة فلا بد قبل الخطبة أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعو بالدعاء المأثور، ومن ثم تتأكد من توفر الصفات التي تريدها في هذه الفتاة، وأهمها كما سبق الدين والخلق، مع الحرص على البحث عن هذه الأسرة وحياتها وسيرة تلك الفتاة، فإن كانت كما تريد فتقدم لخطبتها، فإن سارت أمورك بيسر وسهولة فهذا يعني أن الله قد اختارها لتكون زوجة لك، وإن تعسرت فهذا يعني أن الله صرفها عنك.

موضوع علاقتها مع ابن عمها من قبل ليس مقلقا إن كانت هذه الفتاة على دين، فإنها إن ارتبطت بك فلن يكون لها أي علاقة به، وهذه المسألة للأسف صارت أمرا شائعا في الآونة المتأخرة إلا ما رحم ربي.

مسألة موافقة أهلك وأهلها على هذا الارتباط قد تحول بينك وبينها، لكن مع هذا لا بد من اتباع الخطوات التي ذكرتها لك آنفا.

أوصيك أن تجتهد في تقوية علاقتك مع الله سبحانه من خلال كثرة العمل الصالح، فبالإيمان والعمل الصالح تستجلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في هذه الحياة، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

لا تعد مرة أخرى لبناء علاقة مع أي فتاة خارج إطار الزوجية، فإن كنت لا ترضى هذا الأمر لأخواتك فكذلك الناس لا يرضونه لبناتهم ولا لأخواتهم، وصيانة عرضك تبدأ من صيانتك لأعراض الآخرين، وإلا فالجزاء من جنس العمل.

أخشى أن هذا الموضوع يشوش على تحصيلك العلمي، ولذلك فلا بد أن تفصل في هذه القضية، فإن رأيت أن تخطبها فلا تظن أنه يجوز لك شرعا أن تبقى تتحدث معها وتدخل وتخرج، فالمرأة في فترة الخطبة تعد أجنبية كغيرها من النساء، فعليك أن تعي هذا، وإنما يجوز لك ذلك بعد أن العقد عليها.

نسعد بتواصك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً