الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تقربت إلى الله يوسوس لي الشيطان بأني سأتجه للإلحاد!

السؤال

كيف أزيد إيماني بالله والشيطان يوسوس لي، إذا تعمقت في الدين فسوف أفكر بالمنطق، وأتجه للإلحاد، فأخشى التقرب من الله، وأنا أريد التقرب إلى الله عز وجل، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يزيدنا ويزيدك إيمانًا وهداية، وسؤالك – أيها الحبيب – عن الأسباب التي يزيد بها الإيمان دلالة على رجاحة في عقلك، وحرصًا على إصلاح دينك. والإيمان يزيد وينقص، دلَّ على ذلك الكتاب العزيز، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانًا فأمَّا الذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون}.

والإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان، فإذا أراد الإنسان أن يزيد إيمانه، فعليه أن يُكثر من طاعة ربه، الطاعات القولية والفعلية، الظاهرة والباطنة، فطاعات القلب مثل الأخذ بأسباب حب الله تعالى من تفكّرٍ في نِعَمِه وجمال مصنوعاته ومخلوقاته، فإذا وقر في القلب حُب الله تعالى عظم الإيمان وزاد، ومن الطاعات القلبية الخوف من عقاب الله تعالى والاستعداد للقائه، ومنها التوكل على الله، والرغبة فيما عند الله، وحُسن الظنّ بالله ... إلى غير ذلك من أنواع الطاعات القلبية، وهناك طاعات ظاهرة باللسان وبالبدن، وأعظمها بلا شك كلمات التوحيد: ذكر الله تعالى، والصلاة، والقيام بفرائض الإسلام الأخرى كالزكاة والصوم والحج، وأعمال الإسلام الأخرى، كصلة الرحم، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، واجتناب ما حرّم الله سبحانه وتعالى من المحرمات، فكلُّ هذا يزيد في إيمان الإنسان؛ لأنها كلها طاعات، والإيمان يزيد بالطاعة، فكلّما فعل الإنسان طاعة كلّما ازداد إيمانًا، وهذا معنى الآية، {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانًا}؛ لأنه إذا نزلتْ آية في القرآن فالمؤمن يُصدّق بها، وهذا عمل قلبي، فيزيد إيمانه، ويعمل بمقتضى هذه الآية، وهذا عمل فيزيد إيمانه، ويتلو هذه الآية، وهذا عملٌ فيزيدُ إيمانه... وهكذا. وينقص الإيمان بالمعاصي والإثم، فهذا أول أسباب زيادة الإيمان.

من أسباب زيادة الإيمان مجالسة الصالحين، ومذاكرة العلم الشرعي معهم، وتذكُّر الله تعالى، وتذكُّر لقائه، وتذكُّر الجنّة والنار معهم، وقد كان الصحابة يقول أحدهم لصاحبه – كما في أثر مُعاذ المشهور -: (تعال بنا نجلس نؤمن ساعة)، أي نذكر الله تعالى ليزيد إيمانُنا.

ومن أسباب زيادة الإيمان الدعاء، وهذا هو السبب الثالث، أن يدعوَ الإنسان ربَّه ويبتهل إليه باضطرار ومسكنة وذُلّ أن يُثبته على الإيمان، وأن يزيده إيمانًا، والدعاء بهذا كثير في آيات القرآن، وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((اسألوا الله أن يُجدد الإيمان في قلوبكم)).

فإذا سلكت هذه الطُّرق فإنك بإذن الله ستزيد إيمانًا وتأمن من الوقوع فيما يقع فيه من يسلك طريقًا أخرى لزيادة الإيمان، كالخوض في علم الكلام والمنطق ونحو ذلك، فتلك طُرق لا تزيد الإنسان إلَّا تذبذبًا وتردُّدًا وحيْرَةً واضطرابًا، فإياك وإيَّاها.

فهذه هي الطريق التي شرحنا لك هي طريق الإيمان كما دلَّت على ذلك نصوص الكتاب العزيز والسنّة المطهرة.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يزيدنا وإياك إيمانًا وتُقى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً