الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر باقتراب الموت ونغزات الصدر ودوران الرأس ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة سورية، من مواليد 1995، طولي 170 سم، وزني 77 كجم، مغتربة في إيرلندا منذ سنة ونصف، ومنذ أربعة شهور ونصف أنجبت ابنة رائعة -بفضل الله-.

منذ 2 من كانون الأول بدأت معاناتي مع الرجفة الشديدة والبرودة والسخونة معا في جسمي، ولدي شعور بدنو أجلي، وأفكر دائما ماذا سيحصل لابنتي؟ أخاف عندما أخرج مع زوجي من المنزل وأفكر ماذا سيحصل لطفلتي وهي وحدها؟ كم ستبكي إذا توفيت حتى يأتي زوجي ليحملها؟

عندما أخرج من المنزل لتخفيف الأفكار التي تدور في رأسي، أحس أنني سأموت، وأفكر ماذا سيفعل الناس؟ وماذا سيحصل لي في القبر؟ وماذا سيحصل بعد الموت؟ استمرت هذه الحالة بشكل متواصل لأربعة أيام، أجريت تخطيطا للقلب، وتحاليل الدم، وأخبرتني الطبيبة أن كل شيء سليم -بفضل الله-.

خفت حالة الهلع، أصبحت فقط تأتي في الليل، وتبدأ عند غروب الشمس، واستمرت الحالة هكذا لمدة شهر، ومع هذه الحالة أصبحت أعاني من الضغط على الصدر، والنغزات في الجهة اليسرى، ونادرا ما تكون النغزات في الجهة اليمنى من الصدر، ولدي ألم في وسط الصدر ينتشر إلى الرقبة والفك السفلي والكتف والذراع اليسرى.

ذهبت في الإسعاف للمستشفى في يوم 24 كانون الأول، وقمت بعمل تخطيط القلب، والتصوير الشعاعي للصدر، وتحليل الدم، وكل شيء سليم، ولدي زيادة في الكوليسترول هي 5.4، والألم مستمر، وأحيانا يكون مصحوبا مع السعال، وازداد لدي فقدان التوازن وخفة الرأس، وأشعر بأن الأرض تهتز من تحتي، مع وجود زغللة في العين، وقلة بالتركيز، لا أستطيع اللعب لفترة طويلة مع ابنتي، فأنا لا أستطيع تركيز نظري على أي شيء.

شعوري باقتراب الموت يرافقني، وكذلك فقدان الوزن بشكل خفيف، وألم البطن، وأحيانا جانبي البطن. أعطتني الطبيبة فايتمين (d) و (pregnancare breast feeding).

أما بالنسبة لإحساسي باقتراب الأجل ويقيني أن الموت محتم، قررت تسخير آخر ساعات حياتي في إرضاء الله، وأن أقدم لابنتي ما تحتاجه حتى لا أكون قد قصرت في حقها أمام الله وأمامها، أصبحت أفكر بأن الموت قادم لا محالة، إن فكرت أو لم أفكر هذا لن يزيد من عمري ثانية، وأحاول تجاهل الفكرة
بهذه الطريقة، و-بفضل الله- نجحت بنسبة 70%، ولكن الألم مستمر، وثقل الصدر يزداد، والسعال الجاف أيضاً.

- هل يمكن أن يكون هذا الألم بسبب مشكلة ما في القلب؟ أم بسبب الكوليسترول؟
- هل نسبة الكوليسترول عالية جدا لدرجة أن تسبب لي مشكلة في القلب؟ أم أنه قلق واكتئاب ما بعد الولادة؟ ولكن أحيانا يأتي الألم حتى وإن لم أفكر بأفكار سلبية؟
- هل تخطيط القلب وصورة الأشعة كافية لكشف احتمال وجود مشكلة في القلب؟

أعتذر عن الإطالة، وشكرا لكم.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maria حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذه البنية قرة عين لكما.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا تدراست رسالتك، ومن الواضح أن الحالة التي حدثت لك والتي تعطيك هذا الشعور بدنو الأجل، والتساؤلات المتكررة والتفصيلية التي تطرحيها على ذاتك، هذا ناتج من قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، هنالك قلق، هنالك مخاوف، وهنالك وساوس، اجتمعت مع بعضها البعض لتعطينا هذه الصورة الإكلينيكية، وهذا لا يعني أنك تعانين من ثلاثة أمراض مختلفة لا، كلها متداخله مع بعضها البعض، وتعطينا هذه الصورة التي ذكرتها لك سلفاً وهي قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي.

لا يوجد مؤشر أنك تعانين من اكتئاب ما بعد النفاس، لكن قطعاً أنت في فترة هشاشة نفسية، وهي فترة النفاس، وأحياناً قد يظهر القلق وقد تظهر الوسوسة أيضاً في هذه المرحلة، وربما شيء من المخاوف.

العلاج هو عن طريق تجاهل هذه الأفكار السخيفة وتحقيرها، وأن تحسني إدارة وقتك، وأن تحرصي على الصلاة في وقتها، وأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم على وجه الخصوص، ولا تنسي قراءة وردك القرآني، وكوني دائماً إنسانة متفائلة، التفاؤل مهم جداً في حياتنا.

هنالك دواء ممتاز يعالج مثل هذه الحالات وبفاعلية تامة، ولا يؤثر على الرضاعة، إن تمكنت من الذهاب إلى الطبيب مرة أخرى هذا لا بأس به، ويمكن أن تستشيره في هذا الدواء الذي ننصحك به، الدواء يسمى زوالفت، واسمه العلمي سيرترالين، وربما تجدينه في إيرالندا تحت مسميات أخرى، الجرعة في حالتك جرعة صغيرة، وهي أن تبدئي بنصف حبة أي 25 مليجراما، تتناوليها يومياً لمدة 10 أيام، ثم بعد ذلك اجعليها 50مليجراما، أي حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها 25 مليجراما يومياً لمدة 10 أيام، ثم 25 مليجراما يوما بعد يوم، لمدة 10 أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذا دواء ممتاز لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، كما أنه محسن للمزاج ولا يؤثر على الهرمونات النسوية ولا يسبب الإدمان، في بعض الأحيان فقط ربما يفتح الشهية قليلاً للطعام، إن حدث لك شيء من هذا فاتخذي الإجراءات الضرورية حتى لا يزيد وزنك.

أكرر أن الحالة بسيطة جداً ولا علاقة لها أبداً بموضوع الكولسترول، ولا أعتقد أنه لديك أي مشكلة في القلب، أعراضك كلها نفسوجسدية، أي أن القلق والخوف والوسوسه أدى إلى ما تعانين منه من أعراض جسدية، موضوع الخوف من الموت ودنو الأجل هذا كثيراً ما يصاحب قلق المخاوف ونوبات الهرع والفزع، والموت -أيتها الفاضلة الكريمة- أمره محسوم، الآجال بالله وعيشي حياتك بقوة وبتفاؤل وأمل.

أسأل الله تعالى أن يعطيك طول العمر، وحسن العمل وحسن الخاتمة، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • إيرلندا Maria

    شكراً على الإجابة و الدعم الذي قدمتموه لي باهتمامكم
    جزاكم الله كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً