الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق لي طلب الانفصال إذا لم يوفر لي زوجي سكنا منفصلا عن زوجته الأولى؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تزوجني رجل متزوج، ولديه سبع بنات، وافقت على الزواج منه على أساس أنه مستقيم وخلوق كما سمعت عنه، واتفق مع والدي على أنه سيبني لي بيتا فوق بيت زوجته، وبعد اكتماله سأسكن فيه، وقررنا الزواج قبل إتمام البناء، ولكنه لم يخبرني بأني سأسكن مع زوجته إلى حين الانتهاء من البيت إلا بعد الزواج.

بصراحة اكتشفت بعد الزواج أنه أناني، لأنه يفكر في راحة نفسه وأولاده دون الاهتمام براحتي، وأخبرني بأني سأسكن معهم، وعندما رفضت؛ قال بأنه سيفصل لي جزءا من البيت، ولكن بعد أن حضرت إلى البيت لم أجد تنفيذه، وإنما فقط مكان نومي، ولكن كل المنافع مشتركة، وحتى الطعام لم أستمتع بجلوسي معه لوحدي، وبناته يجلسون عندي معظم الوقت، فلا أستطيع أخذ راحتي، وأتقيد بهم، وكنا في بادئ الأمر نتعامل جيدا أنا وبناته وزوجته، وكل هذا وأنا أصبر نفسي عليهم، ولكني بعد ذلك باشرت العمل، وصرت مرهقة، وخاصة بعد الحمل، وحصلت مشاكل بيني وبين ابنته الكبرى، أدت إلى خلاف بيني وبين زوجته، فذهبت إلى بيت أهلي عدة أيام، كما أنه أيضا بسبب امتحانات تابعة لدورة قد أخذتها، وبعد ذلك عدت، واعتذرنا لبعضنا، ولكن تكرر الموقف مرة أخرى بسبب البنات، والخطأ منهن، ولكن أمهن لا تنصف، فذهبت إلى بيت أهلي، وطلبت من زوجي أن يفصل لي سكني تماما، وإلا لن أعود.

فأحضر لي أدوات المطبخ، وفصل لي الحمام، فرجعت ومكثت في غرفتي بعيدة عنهم، ولكنهم يأتون ولا يتوقفون عن فعل المكائد، وفي آخر مرة كنت أتعامل معهم جيدا، وأتوا عندي، ولعبوا في الغرفة، فتركتهم، ولم أمنعهم، بل بالعكس، كنت أتحاور معهم، وأعطيهم مما عندي من طعام وشراب، إلا الأخت الكبيرة، فقد كانت لا تأتي عندي، بل بالعكس كانت تنادي على أخواتها، وتطلب منهن الخروج من غرفتي، وتسيء لي بالكلام كثيرا، مع أني كنت أشرح لها في السابق، وأعطيها من أشيائي، ولكنها تسيء معاملتي.

وفي اليوم التالي خرج والدهم ووالدتهم، فأتت ابنته الكبرى عندي، وطرقت الباب بحدة، ففتحت لها، ولم تسلم علي، بل دخلت مباشرة، وهي عابسة، وتنظر إلي، فبادرتها بالسلام، ولكني كنت منشغلة جدا، لأني أريد حضور درس عبر النت في دورة قد اشتركت بها، فطلبت منها الخروج، وخاصة أن معها أخواتها الصغار، لأنهم يحدثون الضوضاء، وقلت لهم أن يأتوا في وقت لاحق، ومن هنا اشتعلت المشاكل، وصارت ترد علي، وأنا لم أتمالك غضبي، فصرت أعاتبها، فقامت من مكانها ولطمتني في وجهي، فاتصلت بوالدها، وطلبت منه الحضور، فأتى، وحاول أن يهدئنا، ولكنها كانت تظهر بأنها بريئة، وأنا التي أسأت لها، وبعد ذلك قام بإغلاق الأبواب التي بيننا.

وعندما عادت أمهن وأخبروها؛ قامت بتحطيم زجاج غرفتي، فتناثر الزجاج على ملابسي التي كنت أضعها بالقرب من النافذة، وشتمتني، وخرجت من المنزل رافضة البقاء فيه، فلحقها زوجي ليحضرها، ودخلت البنات إلى غرفتي، وقاموا بضربي بصورة مخيفة، وقاموا بالعبث بأغراضي، وإتلاف أجزاء منها، وعندما عاد زوجي؛ أخذني إلى بيت أهلي، وبقيت معهم، وقلت له لن أسكن معهم، وسأسكن مع أهلي، أو ننفصل، وكان منزل أهلي ضيقا، فأخبرنا بمنزل واسع نسكن فيه أنا وأهلي، وهو سيقسم جزءا منه لنسكن فيه أنا وهو، علما بأنه لن يبيت عندي أبدا، وافقت على هذا، ولكني بعد ذلك طالبته بالمبيت بعض الأيام، وخاصة أنه رفض المبيت عندي لأنه ليس لديه أولاد يحرسون بيته، وأنهن كلهن بنات.

ولكن صار أحيانا يسافر أو يبيت مع والده في المستشفى، أو في الاعتكاف، مما دل على استهتاره بي، واتصلت على زوجته، وطالبتها بالتسامح، وبادلتني الكلام، وهكذا دائما عندما يقع خلاف يطلب مني أن أعتذر أنا وليس هم.

وبعد أن وضعت ابني جئن بناته لزيارتي، وتعاملوا معي معاملة طيبة، وخاصة الكبيرة، وأمهن أيضا، فقرر أن يعيدني للسكن في البيت، ولكن كعادته لا ينفذ وعده، فقال بأنه سيسكن أهله في البيت الجديد، وأنا سأسكن في بيتهم، وهذا القرار أخبرني به في أول أيامنا بعد زواجنا.

أخشى على نفسي وطفلي إن أنا عدت للسكن معهم، وأخشى ألا يوافق على طلب السكنى مع أهلي كما اتفقنا سابقا، ولقد فكرت في الانفصال منه، لأنه يفكر في نفسه وبناته دون مراعاة لي، ويوقع اللوم علي، ولا يهتم براحتي، فبم ترشدوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، ويحقق في طاعته الآمال.

لقد أسعدنا حسن تعاملك مع الزوجة الأولى وأطفالها، وأحزننا ما بدر منهم، وكلنا أمل في ألا يتكرر ما حصل، ونتمنى أن يتخذ زوجك الاحتياطات الكافية لإسعادك وحمايتك.

وأرجو أن يقوم زوجك بالعدل كل العدل، ونفرح عندما تبدي العاقلات مرونة وواقعية في الطلبات، وأهم من ذلك أن يحرص على حسن الترتيب من يرغب في تعدد الزوجات، لأن العدل هو الشرط الأساسي، وبوجود العدل يحصل الاستقرار.

ولا يخفى على أمثالك أن المؤمنة لا تلدغ من الجحر مرتين، ومن هنا فنحن ندعوك إلى تفادي نقاط الخلاف، والبعد عن كل ما يؤدي إلى الاحتكاك، مع ضرورة أخذ الحذر عند التعامل مع الكبرى، لأنها تغار لوالدتها، ولازلنا ننتظر منك التواصل معهم، وخاصة بعد اعتذار والدتهم وطلبها السماح.

ونتمنى أن يهيئ لك المنزل المناسب حتى لا يتكرر ذهابك إلى منزل أهلك، كما أن بعدك ليس في مصلحتك، وسيكون سببا لضياع بعض حقوقك الأخرى.

ولا شك أن ما حصل مزعج، ولكن المطلوب هو حسن إدارة الأزمات، لأن الحياة لا تخلو من الجراح، والصبر زاد، وحسن عاقبة، وسلاح، كما أن الحكمة هبة من الله ونعمة.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وقد سعدنا بتواصلك مع موقعك، ونشرف بخدمتك وخدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك للخير، وأن يلهمك السداد والرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً