الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أزيل الوساوس عني وأعيش حياة مستقرة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: جزاكم الله خيرا على هذا الموقع.

ثانيًا: عندي مشاكل سببت لي اكتئاباً شديداً, لدرجة أني أقول لنفسي -لكن لا أكون جادا- سأذهب لأشنق نفسي, وهذا هو الوسواس القهري.

فأنا منذ أن أفتح عيني من النوم إلى أن أنام -والله عليم- أوسوس, ولا أرتاح أبداً, وكثيراً ما أوسوس حتى عند النوم, وأنا من المفروض أن أنام بعد صلاة العشاء, لكني ربما أنام الساعه 1 ليلاً بسبب الوساوس.

مشكلتي الثانية هي: النسيان وقلة التركيز, فأنا إذا وضعت النظارة لكي أغير لبسي مثلا, أضعها في مكان آمن, وبعد تغيير ثيابي غالبا أنساها, مع أن ذلك لا يكلفني تقريباً إلا بضع ثوانٍ.

أما قلة التركيز، فإني عندما يشرح الأستاذ الدرس أعتقد أني أسمع صوته فقد, ولا أفهم شيئاً, مع العلم أني كنت أقوم الثلث الأخير من الليل, وأنام من الظهر إلى العصر, لكني غيرت، فأصبحت أقوم آخر ساعة من الليل, وغيرت النوم إلى حفظ القرآن, ولله الحمد.

أنا قوي الحفظ -ولله الحمد والمنة والفضل والثناء-، وأنام -تقريباً- كل 24 ساعةً 4-5 ساعاتٍ, وأقوم وعيوني حمراء, وأحياناً تستمر دقائق, وأحياناً أياماً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد الحربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يجب ألا يقودك التفكير المتشائم لأفكارٍ سخيفةٍ لا تليق أبدًا بأحد الشباب المسلمين من أمثالك, آلمني جدًّا الثلاث كلمات التي أوردتها وهي (سأذهب لأشنق نفسي) فمهما بلغت بالإنسان الوساوس والكآبة والتوترات وضعف التركيز وكانت أفكاره سلبية، لا بد للإنسان أن يُدرك ذاته ويعلم ذاته بصورة أفضل.

الله تعالى حبانا بنعمٍ عظيمةٍ لا تُحصى، وقد أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لابد فَاعِلا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لي) وكان يقول عليه الصلاة والسلام في دعائه: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر).
وطاقاتنا دائمًا موجودة، قد تكون حبيسة أو مختبئة في داخلنا، ومتى ما كان لدينا إرادة التحسن والتغيير سوف تنطلق هذه الطاقات.

أيها الفاضل الكريم: لاحظت من خلال رسالتك أن لديك إشكالياتٍ رئيسيةً هي التي أدت إلى الصعوبات التي تعاني منها، هذه الإشكالات بسيطةٌ جدًّا، بالرغم من أنها رئيسية، فمثلاً عملية تنظيم النوم: النوم هو غريزة بيولوجية، وهنالك ساعةٌ بيولوجيةٌ متى ما أراد الإنسان أن ينظمها بالصورة الصحيحة سوف ينظمها، وإدارة الوقت هي أحد هذه الأسس المهمة، وأن يكون الإنسان صاحب فكر تفاؤلي، وله آمال، وله دور يلعبه في هذه الحياة، ويكون شعاره أن أكون نافعًا لنفسي ولغيري.

هذه هي الحياة، بسيطةٌ وجميلةٌ وطيبةٌ، فأنت محتاجٌ لإدراك جديدٍ ووعي جديدٍ لذاتك، أما أن يستجيب الإنسان للفكر السلبي التشاؤمي والمشاعر المحبطة فهذا ليس بالصحيح، فاجتهد لتكون فعّالاً، وسوف تشعر بقيمة الحياة ولذّتها.

أذاً أيها الفاضل الكريم: أنت محتاج لتغيير فكريٍّ جوهريٍّ، فطريقة تفكيرك حول نفسك يجب أن تغيرها، ويجب أن تكون لك صحبةٌ طيبةٌ، ويجب أن تحسن إدارة وقتك، وأن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تقوم على مبادئ معروفة: حسن التغذية وترتيبها، وممارسة الرياضة، وإدارة الوقت بصورة طيبة، والحرص على أمور الدين والعبادة، وبر الوالدين، وأن يكون هنالك هدف أعملُ من أجلِ أن أصلَ إليه بتوفيقٍ من الله تعالى، هذه هي الحياة، لا وسوسة، ولا كآبة، ولا إحباط، إنما هي إصرار وقوة، وآمال وأفعال.

هذا هو الذي أنصحك به، وأرى أنه من الضروري أن يكون هذا هو منهجك، وأنت لك ميزات عظيمة، وتسعى الآن لحفظ القرآن، وإمكانات الحفظية عالية جدًّا، وكم من الناس حُرموا من مثل هذه القوة والميزة! فانطلق انطلاقة جديدة..هذا هو الذي أنصحك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر AIMENMOHAMMED

    الله يبارك فيك ويعطيك العافيه

  • السعودية نجود القفاري

    الله يعطيك العافيه ماقصرت

  • الكويت شيخه

    الله يجزاكم خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً