الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالقلق إذا لم أعرف أنواع السيارات وأرقامها .. فهل أحتاج لدواء؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت قد استشرتكم سابقًا, واستشارتي برقم: (2151684), وأخبرتموني أني أعاني من الوسواس, وبعدها ذهبت إلى طبيب نفسي في الأردن, وقال لي: إني أعاني من وسواس قهري بسيط.

وكنت أعاني من أني أتابع أرقام السيارات التي تمر من أمام المحل, وأحيانًا أسجلها, وإذا لم أفعل أتوتر وأقلق, أو أفقد السيطرة على نفسي.

وإذا رأيت أشخاصًا في منطقتي فأود أن أعرف أين يسكنون, وإذا لم أعرف يحصل لي نفس التفكير السابق.

وبعد العلاج - والحمد لله - تغلبت على كل هذه الوساوس وغيرها, ولكن بقي الآن وسواس مزعج جدًّا, جاءني خلال الفترة الماضية أربع مرات خلال السنة, كل مرة يأتي لمدة 4 أو 5 أيام ثم يذهب.

هذه المرة ما زال يلازمني, وهو أني عندما أسمع أو أقرأ عن وفاة شخص ما - وليس شرطًا أن يكون من أقربائي - أشعر أني أريد أن أراه حيًّا مرة أخرى, - وهذا مستحيل - وإذا لم أره سأتوتر, وأفقد السيطرة على نفسي, أو أصاب بالجنون.

وبدأت بتناول حبة من الفافرين لمدة 10 أيام, ثم حبة ونصف لمدة 10 أيام, ثم حبتين من 22/12 إلى الآن, ومع العلاج السلوكي أيضًا حدث تحسن, وخف هذا الوسواس إلى حد كبير.

ما يأتيني الآن من وساوس هو أني لن أُشفَ من ذلك الوسواس, أو أني سوف أفقد السيطرة بسببه, ولكن يأتيني تحسن لبعض الأيام, وكأن الوسواس يعود أيامًا ويزول أياما أخرى, وهكذا.

المعالج قال لي: إنه أمر طبيعي؛ لأن الوسواس يحاول محاولاته الأخيرة, وإني في آخر مراحل العلاج, فما رأيك يا دكتور محمد؟ وهل هذا الوسواس خطير؟ وهل سأشفى منه؟ وهل نوعية هذا الوسواس من الصعب شفاؤها - وليس هو كالوساوس التي سبق أن تغلبت عليها كلها -؟ ومتى يبدأ مفعول الفافارين؟ هل بعد أول جرعة, أم بعد بداية تناول الجرعة الفعالة؟

آسف للإطالة, وشكرًا جزيلًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

أنت تعاني من وسواس قهري بدرجة بسيطة، وهذا النوع من الوساوس يجب أن يُحقّر، وألا تناقشه مع نفسك أبدًا، وتسعى دائمًا لتجاهله, فالوسواس قد يكون مُلحًا ومستحوذًا, ويأتي في شكل دفعات وانفعالات لها تأثير سلبي على النفس؛ للدرجة التي تجعل الإنسان يحس بالقلق, وكذلك عسر المزاج والكدر، لكن العلاج الرئيسي الأساسي للوسواس هو أن يصرف الإنسان انتباهه عن الوسواس تمامًا، وذلك من خلال: التجاهل وتحقيره, واستبداله بما هو مخالف له, وهذه - يا أخِي - قوانين سلوكية أنت مُدرك لها تمامًا.

الأبحاث الحديثة أيضًا أشارت أن تمارين الاسترخاء تؤدي إلى فائدة علاجية كبيرة جدًّا، خاصة إذا حاول الإنسان أن يُدخل على نفسه التأثيرات الإيحائية الناتجة من الاسترخاء، أي أنه يعيش حالة استرخائية حقيقية تُشابه – مثلًا - التنويم المغناطيسي، وهنا تكون الفائدة العلاجية أكبر, وموقعنا به استشارة تحت رقم: (2136015) ونحن ننصح دائمًا بالرجوع إليها، والاستفادة مما بها من توجيهات، والحرص على تطبيقها.

أنت لم تذكر جرعة الفافرين التي تتناولها، لكن أؤكد لك أن الفافرين علاج ممتاز، علاج فاعل جدًّا، وقد تحتاج لجرعة ثلاثمائة مليجرام في اليوم، وهي الجرعة العلاجية القصوى، وهذه ربما تحتاج أن تتناولها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعد ذلك يمكن أن تخفضها إلى مائتي مليجرام يوميًا – مثلًا لثلاثة إلى ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك تبدأ في الإنقاص التدريجي للدواء.

دراسات كثيرة أيضًا أشارت أن إضافة عقار رزبريادون بجرعة صغيرة - واحد مليجرام ليلًا مثلاً - لمدة شهرين أو ثلاثة يؤدي إلى تدعيم كبير جدًّا لفعالية الفافرين, وهذا أيضًا يمكن أن ننصح به، خاصة أن الدواء سليم جدًّا.

أنا أؤكد لك أن الوساوس ليس خطيرًا، والحمد لله تعالى الآن الوساوس محاصرة تمامًا، وذلك بعد ظهور الأدوية الجديدة ذات فعالية ممتازة.

إن شاء الله تعالى سوف تُشفى وتتعافى، فكن حريصًا على اتباع المناهج السلوكية التي تُحقِّر من خلالها الوساوس, ولا تتبعها، واصرف انتباهك عنها تمامًا من خلال: عدم ترك أي فراغ زمني أو فراغ ذهني، والاستفادة من الوقت، وإدارته بصورة صحيحة.

بالنسبة لسؤالك عن نوعية الوسواس وهل من الصعب شفاؤه؟ .. الوساوس الفكرية أسهل كثيرًا فيما يخص الاستجابة للعلاج، وهذا وسواس فكري، وإن شاء الله تعالى يكون الشفاء منه سريعًا، وأنت - والحمد لله تعالى - أصبحت مُدركًا تمامًا للحيل العلاجية التي يقاوم بها الإنسان الوسواس، وكما ذكر لك الطبيب فهذا الوسواس الآن في أنفاسه الأخيرة - إن شاء الله تعالى - وسوف تعيش حياة طيبة وهانئة جدًّا.

الفافرين – أخي الكريم – يبدأ مفعوله الحقيقي بعد ثلاثة أسابيع من بداية العلاج، أول جرعة لا تؤثر أبدًا على جوهر الوساوس، وربما تؤدي إلى نوع من الشعور بالاسترخاء البسيط والتهدئة وتحسين النوم، لكنا لا نستطيع أن نقول: إن هناك أثرًا علاجيًا حقيقيًا إلا بعد مُضي ثلاثة أسابيع من تناول العلاج بانتظام، وهذا كله يرجع إلى أن البناء الكيميائي هو بناء تجمعي، بمعنى أن الجرعة تبنى على الجرعة التي تليها, وهكذا.

فإذن الانتظام في العلاج والانضباط في أخذ الجرعة الصحيحة للمدة المطلوبة هو من سر نجاح العلاج الدوائي؛ فيما يخص علاج الوساوس القهري.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً